ما إن رآني حتى صاح «شكرا للأنباء»، قلت: الشكر لله الذي سخر لنا هذا، وما جريدة «الأنباء» إلا وسيلة سخرها الله لنا، فحين كتبت مقالا بعنوان «الله بالخير معالي وزير العدل والأوقاف» ونشر بتاريخ 4 فبراير عام 2013 تقدمت فيه باقتراح للوزير شرحت فيه معاناة المواطنين أصحاب العقارات البسيطة في تحصيل أموالهم من إدارة التنفيذ، فاستجابت الوزارة مشكورة وتم حل المشكلة وهي جزء من الاقتراح، حيث الآن تقوم الوزارة بتحويل القيمة الإيجارية إلى حسابات الملاك (المؤجرين) في البنوك دون عنائهم للوزارة، وهذه قفزة حضارية يشكرون عليها، والشكر موصول لجريدة «الأنباء» حاضنة الاقتراح.
٭ مطلبنا الجديد هو على شكل سؤال نطمح أن يصل إلى السلطة المختصة الموقرة لدراسته واتخاذ قرار فيه.
كلنا يعلم أنه حينما يرفض المؤجر (مالك العقار) تسلم القيمة الإيجارية من المستأجر بعد عرضها عليه رسميا على يد محضر، يقوم المستأجر بإيداعها بإدارة التنفيذ بوزارة العدل، وهذه الإدارة تصدر شهادة إثبات لأمرين الأول تشهد بأن المستأجر أوفى بواجب التسديد، وإبراء ذمته، والإثبات الثاني تشهد الإدارة بأن إيداع القيمة الإيجارية تم بتاريخ اليوم، وهذان الإثباتان تستند عليهما المحاكم الموقرة لتطبيق قانون الإيجارات الذي أعطى الحق للمستأجر أن يسدد القيمة الإيجارية خلال عشرين يوما من الشهر، وإذا تأخر عن ذلك تحول الحق إلى المؤجر (مالك العقار) لمقاضاته كطلب الإخلاء مثلا، وفوق كل ذلك هو قناعة المحكمة الموقرة.
هناك أمر جديد استجد نتيجة التطور التكنولوجي، فالعالم الصناعي والتجاري يسعى للتقليل من العنصر البشري والعمالة في أعماله لذلك ظهر الكمبيوتر والفاكس والإيميل والروبوت (الإنسان الآلي) كل هذه الآلات لا تعرف الكذب والتحايل والخداع، لذلك كانت ثقة البشر بهذه الآلات كبيرة.
هذا التطور الحضاري جعل أصحاب العقارات يستفيدون من ذلك فبدلا من توظيف (وافد أمين جدا) ليقوم بتحصيل الايجارات، عمد بعض ملاك العقارات لإعطاء المستأجرين رقم حساب بنكي للمالك لإيداع الإيجار فيه، هذه الطريقة حفظت كرامة الطرفين ومنعت الحجج والأعذار وأدخلت البنك كشاهد استلام.
المشكلة أن بعض المستأجرين لا يلتزمون بتاريخ الإيداع مرة بأول الشهر ومرة بآخره وأخرى بعد شهرين أو ثلاثة يتم الإيداع السؤال الذي ننتظر جوابه من الجهة المسؤولة الموقرة:
هل كشف الحساب البنكي (أو شهادة البنك) تثبت تأخر المستأجر بإيداع القيمة الإيجارية عن المدة المحددة بالقانون أو بأكثر من شهر؟
أحد المستأجرين تقاعس عن دفع الإيجار لمدة ثلاثة شهور فقرر المؤجر أن يرفع قضية في المحكمة فأمر البنك الذي يتم الإيداع فيه أن يوقف أي حركة بحسابه (لا سحب ولا إيداع account lock) لكن المستأجر استطاع أن يودع إيجار ثلاثة أشهر دفعة واحدة في حساب المؤجر في البنك رغما عن المؤجر ودون موافقته، (وكانت حجة البنك أن استلام الفلوس هدف كل البنوك) فهل يعتبر ذلك قبولا بالاستلام.
السؤال: هل ورقة كشف الحساب البنكي من الكمبيوتر يعتبر مستندا لإثبات تاريخ الإيداع (المتأخر) مثلما يعتبر مستندا للإيداع؟ وهل الإيصال البنكي الذي لدى المستأجر والذي يثبت أنه أودع الإيجار في البنك هل يعتد بالتاريخ المدون به ويكون إثباتا لتأخره؟ أو أن الشهادة الوحيدة التي يعتد بها هي شهادة إدارة التنفيذ فقط كما هي المعتاد من نصف قرن.
إن التطور الحضاري والتقدم التكنولوجي هدفه راحة الإنسان والتخفيف عنه من ضغوط الحياة لذلك سعى العلماء لتفكيك العقد وتبسيط الإجراءات وتسهيل الأمور الحياتية، فأتمنى أن نثق بمؤسساتنا المالية العريقة ونجاري الزمن الذي نحن فيه، ونتبادل العلم والمنافع، فلولا ثقة الإنسان بالطائرة والسيارة لما ركبها وهي آلة.
ولولا ثقة الناس بالبنوك وإداراتها وأجهزتها لما حفظوا أموالهم بها.
[email protected]