دعيت منذ أيام إلى القرية التراثية في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، تلك القرية التي هي من إبداعات سمو الشيخ محمد بن راشد، مشروع تأسس صح، وأخذ حقه من التصميم والتنظيم صح، ثم أخذ حقه من التمويل والميزانية ما يكفي، فكان كالأهرام لم ينقص منه الزمن قيمة، قرية تجدد شبابها عاما بعد عام مع الاحتفاظ بعراقتها، وقد استمتعت بتلك الزيارة القصيرة، بضيافة أبو خالد وحرمه السيدة هيا أكرمهما الله.
دولة الإمارات عامة ودبي خاصة، مركز الإبداع في الوطن العربي، لا يقتصر إبداعهم على الماديات وما تراه العيون فقط بل يتجاوز حتى المعنويات، التي تلامس شغاف القلب، من منا كان يفكر في وزارة للسعادة، وكيف تعمل، ومن أين تبدأ، وما وسائلها للوصول للهدف؟ إنه «المايسترو» سمو الشيخ محمد بن راشد الذي يقود الأوركسترا الكبيرة متنوعة الأنغام والأفكار والآلات الموسيقية، لم يكن سموه مثل أمثاله من القياديين الذين لديهم جيوش من الإداريين والسكرتارية بلون واحد، والذين «يعچفون» أقصد يعزفون بالطبول فقط التي تعكر مزاج الشعوب، أعلم والله.. عزيزي القارئ أن لديك نفس الشعور، وبما أن لب حديثنا عن «القرية التراثية» والتراث هو الشيء المادي العتيق والنفيس والغالي لقدمه ومرور السنوات الطوال عليه، وكلما زادت سنواته زاد بالقيمة، من هنا فطن سمو الشيخ محمد لشيء غفل عنه الجميع، وتساءل كيف نغلي ونعتز بتراث الجماد والحجر الذي تراكمت عليه السنون وننسى البشر الذين أيضا تراكمت عليهم السنون؟ خدموا وأعطوا طوال أعمارهم، إنهم أغلى وأثمن، ولهم كل التقدير والاحترام، وأمر سموه باستبدال جملة أو وصف «كبار السن» بجملة «كبار المواطنين» تقديرا وإجلالا لما يحملونه من عبق الآباء والأجداد، وتكريما لخلق الله دون صنع البشر.
إنه كرم معنوي لسمو الشيخ محمد بن راشد، قليل من يفكر به، فما بالك برجل دولة أشغلته السياسة والاقتصاد وإدارة مرافق الدولة.. يفكر بجملة من كلمتين «كبار السن» وكأنها وصمة عار، تقشعر منها الأبدان، خصوصا للنساء.. هذه الفطنة وتلك الملاحظة لا يعيها إلا ذو قلب رهيف، وشعور مرهف، إنه الشاعر والأديب والفارس سمو الشيخ محمد بن راشد حفظه الله..
وبصفتي مواطن من مواطني مجلس التعاون الخليجي وقد أصبحت بفضل من الله ثم منكم فخورا بمسمى «كبار المواطنين» الذي أطلقته بدلا من «كبار السن» ذلك المسمى القديم الذي يشعر كبار السن وكأنهم حاجات بالية عفى عليها الزمن، وانتهت صلاحيتها وتنتظر حتفها... شكرا يا سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة وحاكم دبي.. ونقول لكم: أكرمكم الله بكريم فضله.
زبدة المقال: الكلام لك يا جارة.
[email protected]