حضرت خلال اليومين الماضيين في مدينة فاس المغربية انشطة منتدى الاتحاد من اجل المتوسط، وجلست في ختامها أرقب حفل تكريم رجل الاعمال الكبير السيد عثمان بنجلون الذي حضرته النخبة السياسية الفاسية والتي تلاها قراءة الاعلان الختامي لمنتدى فاس السيد عباس الجراري مستشار جلالة الملك محمد السادس والذي تناول تحديات الثقافة والتعليم في الدول العربية ودول حوض البحر المتوسط.
وكنت قد شاركت قبل ذلك في طنجة بأنشطة اخرى اقامها السيد ابراهيم الفاسي الفهري نجل وزير الخارجية المغربي، كما تلقيت دعوة الشهر المقبل لأنشطة أصيلة المغربية التي ينظمها ويشرف عليها الوزير محمد بن عيسى والتي اكتسبت بعدا عربيا ودوليا عبر العقود الماضية، وجميع تلك الانشطة هي مطابخ اعداد وتحضير لقيادات مغربية شديدة الثقافة والاحتراف السياسي كحال الصديق د.عبدالحق عزوزي رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية والدولية ومدير عام مؤسسة روح فاس الداعية للانشطة الحالية.
والنخبة السياسية الفاسية المغربية هي طبقة محافظة شديدة الاحتراف في العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والخيري، ضمنها كبار الساسة وكبار رجال الاعمال وهم يتوارثون تلك الريادة الدافعة للاستقرار في المغرب منذ قرون وهي في جانب منها احد اسباب الانجاز المغربي المعروف رغم محدودية موارده مقارنة ببعض جيرانه، وقد وجدت في سيرة ابن فاس عثمان بنجلون عضويته في مركز الدراسات الاستراتيجية بواشنطن الذي يرأسه هنري كيسنغر، كما قام عدد من رؤساء الدول وكبار الساسة في العالم بتسجيل كلمات تحية وود للمحتفى به مما يظهر البعد والاحترام الدولي لمكانته، كما تم استعراض المشاريع الخيرية التي قام بها ومنها انشاء اكثر من الف مدرسة في الارياف المغربية.
ان الكويت بحاجة إلى خلق شرائح سياسية واجتماعية واقتصادية شديدة الاحتراف والاحترام لا ينظر لمنضويها من خلال اصولهم العرقية او الطائفية بل يعمد لجعلهم من يقود العمل السياسي بمفاهيم راقية كحال الطبقة السياسية الفاسية ولا يعمدون لاشغال البلد بعداء بعضهم بعضا، كما لا تعمد الشريحة في شقها الاقتصادي الى غش وخداع البسطاء كوسيلة لتكوين الثروات المحرمة.
لقد دمرت الطبقة السياسية والاقتصادية الكويتية نفسها بخياراتها السياسية الخاطئة عندما اعجبت وفضلت انظمة الثوريات العسكرية العربية القمعية على زعامات كويتية تقليدية مسالمة، وهو في النهاية ضعف للكويت وضعف للقيم الخيرة فيها.
آخر محطة: صناعة النخب المحترفة والراقية في تعاملها والتي تصبح العظة والقدوة للشباب الصاعد يجب ان تمتد الى مناحي الحياة الكويتية المختلفة كالفنانين والادباء والشعراء والفقهاء حتى نمتلك في النهاية شخصيات يمكن ان نفاخر بها على المستويين العربي والدولي.
[email protected]