استثمار القضايا الإنسانية والمتاجرة بها شعبيا، من أسوأ وأحقر الأعمال السياسية التي يمارسها النواب والكتاب، فكم من قضية إنسانية تم بيعها في سوق المزايدات السياسية واستمرت لسنوات يتداولها تجار الجماهير لكسب تعاطف البسطاء من الناس واستمالتهم لتحقيق أهداف انتخابية وجماهيرية ومن ثم بيع القضية لمزايد آخر ومنافق مأجور لإكمال المهمة، وهكذا يستمر اللعب بمشاعر الناس دون حصولهم على شيء سوى الوهم والشعارات الزائفة وتموت القضية بعد ذلك وتدفن في مقابر النسيان دون أن يصلي عليها أحد.
قضايا كثيرة تم استغلالها كقضية إسقاط القروض والمزدوجين وأسلمة القوانين وإزالة الدواوين وقضية البدون وتلك هي الأطول عمرا بينها والأشهر سمعة فقد طال العبث بها ما بين مسؤول حكومي متعجرف ونائب منافق متخلف وبقيت معلقة دون حل فلا هم أطعموها ولا هم تركوها تأكل من حشائش الأرض، إلى أن رفع الأمر إلى سمو الأمير الذي أصدر أوامره السامية إلى الجهاز المركزي المكلف بحل قضية البدون فجاء الفرج وكان أول الغيث موافقة الحكومة على إقرار الحقوق المدنية للبدون وإحالتها إلى مجلس الأمة، والغريب أنه فور موافقة الحكومة على هذه الحقوق المدنية انطلقت صفارة تصريحات النواب وبدأ سباق المزايدات وكل منهم يمسك طرف ثوبه و«تلحق وإلا ما تلحق ومسج وراء مسج» يدعون فضل الإنجاز.
ألا يعلم سماحة النواب أن لجنة البدون في مجلس الأمة تم إلغاؤها ولجنة حقوق الإنسان البرلمانية والمختصة بقضية البدون لم تفعل شيئا على مدار هذه السنين سوى ترويج التصريحات المخدرة وإحياء ندوات الهلوسة دون أن يكون هناك مصداقية في النوايا لا في أعضاء تلك اللجان ولا في بقية أعضاء مجلس الأمة لحل قضية البدون أو غيرها من القضايا الحيوية التي طال انتظارها كالإصلاح الرياضي ومشروع تحويل الكويت لمركز مالي عالمي، وغيرها الكثير؟ والسبب يعود لغياب الرؤية الصادقة نحو الإنجاز واختلاف الإجماع حول الأولويات اختلافا مستهدفا لا اختلافا عفويا، فإذا ما جاءت مبادرة الحل من خارج مجلس الأمة التف عليها أعضاء المجلس والتهموها دون أن يذكروا لصاحب الفضل فضله كما فعلوا تماما في قضية إقرار الحقوق المدنية للبدون التي تمت بمبادرة حكومية بناء على توجيهات صاحب السمو الأمير، وتلك الحقيقة أكدها السيد صالح الفضالة رئيس الجهاز المركزي للمقيمين بصورة غير مشروعة لوسائل الإعلام، فشكرا لصاحب السمو.
نرجو من النواب الكف عن استغلال القضايا الإنسانية، ومن أراد الانجاز فعليه بتحقيق النتائج فجدول الأعمال مليء بالمشاريع والمقترحات والشعب ملّ من كثرة الوعود.
[email protected]