عندما ننظر حولنا في الطبيعة نجد اللونين الغالبين في الطبيعة من حولنا هما الأخضر والأزرق، ولا شك أن علم الألوان عظيم وله مدلولاته العلمية وأثره على الحالة، ولكن السؤال الذي يتوارد في ذهني لماذا جعل الله سبحانه وتعالى اللون الأخضر في الطبيعة حقيقيا بينما اللون الأزرق في الطبيعة مرئيا ولكنه وهمي؟
لا شك أن اللون الأخضر يكتسح لون اليابسة على الأرض والأزرق هو لون السماء والماء، فهما اللونان الغالبان على المشاهد الطبيعية، فاللون الأخضر ملموس بفعل مادة الكلوروفيل التي تعطي اللون الأخضر للنبات، وأنها المسؤولة عن التمثيل الضوئي فيه لكي يمد الإنسان والحيوان بالعناصر الغذائية اللازمة للعيش، أما السماء والماء فيبدوان بلون أزرق ولكنه وهمي، فالغلاف الجوي عبارة عن غازات شفافة لا لون لها، والماء شفاف لا لون له، فلماذا لونه أزرق وهمي ولم يكن بالفعل حقيقيا؟
كتفسير علمي بالنسبة للون الأزرق أن الضوء الأبيض المنبثق عن الشمس يتكون من موجات مختلفة لألوان الطيف السبعة وهي: الأحمر، البنفسجي، البرتقالي، الأصفر، الأخضر، الأزرق، النيلي، فعندما يصطدم الضوء بجزيئات الهواء تتشتت الألوان في جميع الاتجاهات باختلاف أطوالها الموجية، ولكون الأزرق أقصر الأطوال الموجية بعكس الأحمر ونظيره فإنه يكون أكثر تشتتا فينعكس على لون السماء والبحار ولون الكرة الأرضية من الفضاء الخارجي، حيث تجدها كاللؤلؤة الزرقاء المتوهجة، فاللون الأزرق انعكاس موجي ضوئي وليس مادة ملموسة مثل الكلوروفيل في النبات.
وفي القرآن الكريم ذكر اللون الأخضر في ثمانية مواقع تدل على الجمال والحياة والنضرة، يقول عز وجل:
- (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ) (الرحمن:76)
- (عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَاسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا) (الإنسان:21)
- (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) (الحج:63)
- (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ) (يوسف:46)
- (الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ) (يس:80)
- (أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا) (الكهف:31)
- (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (الأنعام:99)
- (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ) (يوسف: 43).
أما الأزرق فقد ذكر في آية واحدة في سورة طه آية 102 لقوله: (يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِوَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا)، فيصف حال المجرمين بالخوف والضيق، حيث إن الخوف علميا يغير لون الإنسان ويجعله مائلا للأزرق نتيجة لنقص الأوكسجين في الدم، كذلك الحال للهب النار الأزرق على سبيل المثال، فالذي يلعب دورا في لونه هو نسبة الأوكسجين في الهواء الذي يختلط مع الغاز فيحدد لونه وأفضل طاقة له هي الأزرق، كذلك من أسباب السماء زرقاء ترجع لنسبة الأوكسجين في الغلاف الجوي وتفاعل الضوء والشرح يطول.. ولكن يبين لنا الإعجاز العلمي القرآني بأن الأزرق هو نتيجة تفاعل الطاقة مع الأوكسجين بنسبة وتناسب، لذلك جعل الله عز وجل الأزرق لونا مرئيا ولكنه وهمي غير ملموس بعكس الأخضر.
family_sciences@