في يوم عشناه ومضى جرى نقاش حول قضية أن دماغ الإنسان هو مركز عقل الإنسان وتدبره وأن القلب ما هو إلا مضخة للدم فقط، بينما عارضت تلك الرؤية وذلك لما علمنا إياه القرآن الكريم أن مركز العقل المفكر هو القلب وليس الدماغ، حيث ركز القرآن في نصوصه العظيمة على أن التعقل بالقلب، وقد ذكر القلب في القرآن الكريم 132 مرة، موجهة آياته حول نواح عدة يقوم بها القلب، فعلى سبيل المثال يقول الحق تبارك وتعالى:
- (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) (محمد:24).. التدبر محله القلب.
- (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) (الحج:46).. القلب الذي يفقه ويتدبر ويبصر.
وهناك الكثير من الآيات الكريمة التي لا تسعها مقالة تدل على أن القلب مركز التعقل والطمأنينة والإيمان والتفكر، كما أثبتت الدراسات الحديثة حقائق علمية جمة على أن القلب هو مركز التعقل في الإنسان، حيث قامت دراسات طبية على الأشخاص الذين تم اجراء عملية زراعة قلب لهم، واكتشف أن المريض بدت عليه أمور جديدة وهوايات وعادات وسلوكيات ورغبات وحالات نفسية تبعا لما كان عليه صاحب القلب المتوفى، حيث توفيت طفلة عمرها 3 سنوات غرقا في مسبح وتم استئصال قلبها ليزرع في جسد طفل يبلغ من العمر 9 سنوات وبعد العملية أصبح الطفل تظهر عليه حالة خوف من الماء لا يعرف سببها بعد أن كان يعشق السباحة، وحالة أخرى توفي شاب يبلغ من العمر 18 عاما وكان يهوى العزف والموسيقى والغناء وتمت عملية زراعة قلبه في شابة من نفس عمره، وبعد حين أصبحت تلك الشابة تعشق الموسيقى والغناء والشعر بل وتكمل أبيات شعر لكلمات لم تسمعها من قبل والكثير من الحالات المشابهة، فسبحان الله تعالى الذي أبدع بخلقه وأعجز في علمه تبارك الله رب العالمين (ومحياي:2015).
فالقلب جهاز عظيم يعمل بطريقة إعجازية يتم تخزين جميع الخبرات والأفكار فيه، وهو أقوى وأهم عضو في جسم الإنسان نظرا لكون خلق الجنين في بطن أمه يبدأ بتكون نبض قلبه قبل دماغه سبحان الله، ومع الدراسات الحديثة والتي ليست بحديثة منذ 1400 سنة مضت اكتشف حديثا أن القلب هو الذي يوجه الدماغ وليس العكس، يقول صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله: ألا وهي القلب» (رواه البخاري)، والقلب السليم ينشأ من خلال تنشئة اجتماعية ونفسية قويمة مبنية على الاتجاهات الإسلامية الصحيحة في القرآن والسنة، وحتى نضمن لأفراد أسرتنا القلب السليم الصالح يجب الاهتمام بهم من الناحية النفسية والعاطفية والاجتماعية باتخاذ النظام العادل القويم الحازم في الحياة وتكرار أجمل السلوكيات وأجمل العبارات، حتى يتم تخزين أجمل الخبرات والتي توجه سلوكياتنا وعاداتنا وهواياتنا وذوقنا بالاتجاه الصالح السليم، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
@family_sciences