ديننا الحنيف دين علم، حيث إن توأمة الدين والعلم أساس راسخ في استمرار البشرية وثبات العقيدة وتقويتها، وزيادة في التأمل ثم التفكر ثم البحث ومن ثم المعرفة، ومما لا شك فيه عندما نتحدث عن العلوم من جميع نواحيها ما بين البحث وتلقي المعرفة فإننا نتحدث عن القرآن الكريم، فهو لكل زمان ومكان، وزماننا زمن العلوم والاكتشافات المبهرة التي لابد وان نجد لها إشارة علمية مرجعية في القرآن الكريم.
ان لزيادة المعرفة شيئا أساسيا في المنهج القرآني حتى يتقدم الإنسان من الفهم الحقيقي للحياة وسر الخليقة، إن الله عز وجل أعطانا العلم منزلا عبر الوحي عليه السلام من أجل أن نستزيد في المعرفة بدلا من أن نتوقف عند حد معين منها أو أن نستقطبها فقط دون التأمل بالقضية العلمية.
فيجب علينا كمجتمع إسلامي أنعم الله عليه بنعمة الرفاهية وتوفر الإمكانيات المالية التي من خلالها تستطيع الدولة بناء أفضل المؤسسات التعليمية والمراكز البحثية التي بدورها تولد شبابا كويتيا من ذكور وإناث لديهم ملكة بحثية وعلمية تستطيع الدولة من خلالهم أن تجاري سباق الأبحاث العلمية حول العالم في البحث والاكتشاف وزيادة المعارف بشتى أوديتها، ولكي نحقق المبدأ الإسلامي في توليد المعرفة بعيدا عن تلقيها جاهزة يجب أن يتحول هوس التعلم لظاهرة تنغرس في نفوس أبنائنا كثقافة مجتمعية وذلك منذ الصغر من خلال المهارات التعليمية والتربوية الصحيحة.
ففي سابق الأزمنة نجد الكثير من النقاد والكتاب والأدباء والمفكرين كل على شاكلته يستقطبون العلوم والأفكار المتبادلة من خلال تجمعات أسبوعية في أحد منازل المهتمين أو التجمع بنوادي فكرية لكي يتم تبادل الفكر والعلم والمناقشة العلمية الفكرية البناءة إلى جانب كل ما هو علمي جديد، والذي تفتقره مجتمعاتنا اليوم كأسلوب حياة اجتماعية فكرية.
وهذا ما يجب تشجيعه وتوعيته للشباب وتوجيه طاقاتهم وأذهانهم لذلك بدلا من الفوضى العارمة التي يعيشها شباب اليوم من تلقي العلم الأكاديمي بمشاعر وفكر جامد يعتمد على لغة البصم والمادية دون الإبداع وغرس الشغف والفضول العلمي في البحث والتعلم، فالبحث الدائم والدائب لهو فريضة على كل مسلم من أجل صلاح المجتمع لا فساده من جهة ومن أجل الارتقاء بالأخلاقيات التي تؤهل أفرادا مسلمين يليقون بعبادة الخالق، وهنا يكمن سر البشر لقول الله عز وجل: (وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون) والعلم محور العبادة الحقة.
وأختتم مقالي بأبيات شعر لأبي القاسم الشابي:
وقالت لي الأرض لما سألت:
أيا أم هل تكرهين البشر؟
أبارك في الناس أهل الطموح
ومن يستلذ ركوب الخطر
وألعن من لا يماشي الزمان
ويقنع بالعيش عيش الحجر