دائما أحب وأفضل أن استدل على المفاهيم والنظريات أو المواضيع التي أطرحها بشكل عام في مقالاتي من القرآن الكريم كتاب الله الذي «ليس من صنع البشر» وإنما منزّل من الخالق البارئ الذي خلق الإنسان وعلمه البيان، عن طريق الفرقان (القرآن)، ومن منظور عملي الرئيسي في مجال البحث العلمي، فإن جودة البحث العلمي أو حتى المهارات التعليمية للطالب في البحث تعتمد على أدوات متكاملة فيما بينها من أجل معطيات علمية مثمرة، حيث يتكرر في مواضع كثيرة في القرآن الكريم قوله تعالى: «أفلا تعقلون - أفلا تسمعون - أفلا تبصرون - أفلا تتفكرون - أفلا يتدبرون»، خمس أدوات بحثية يجب أن تُستخدم كمفاتيح للبحوث الجيدة وهي دلالة كبيرة على أن أساس الدين الإسلامي قائم على البحث والعلم في الوصول للحقائق فالعلم فريضة على كل مسلم حال الفرائض الأخرى فهو عبادة في أصله.
فعندما يقدم الباحث لعمل بحث علمي جدير بالتأويل على أرض الواقع، يجب على الباحث التبصر بالقضية المراد دراستها لقوله تعالى «أفلا تبصرون» والتي تكمن في الخلفية الثقافية التي يتم اكتسابها من خلال القراءة والمطالعة العميقة في التخصص، أما لقوله «أفلا تسمعون» فيجب على الباحث الاستماع لكل ما يدور حول تلك القضية أو النظرية العلمية من أفكار واتجاهات ونظريات مختلفة عن طريق الاستفتاءات الشفهية والمحاضرات والندوات... إلخ، فإن تلقي المعلومة عن طريق السمع تختلف عن طريق البصر ويجب استغلال الباحث لتلك المحسوسات كلها بشكل متعاون مع بعضها البعض من أجل صقل القضية العلمية بإبداع ودقة، أما بالنسبة للتعقل لقوله تعالى «أفلا تعقلون» يعني إدراك حقائق الأشياء عن طريق تفكيك العبارات والمصطلحات في تعريفها وفهمها للوصول لأعلى درجات التعقل، والتعقل يلزم الباحث الصبر والتروي، أما التفكر لقوله تعالى (أفلا تتفكرون) فيكون بالاعتبار والعظة، كما أن التفكر يكون بترتيب الأفكار والأولويات كخطة متبعة من أجل الوصول للهدف، أما التدبر لقوله تعالى «أفلا يتدبرون» فهو تأمل الحقائق بالقلب وربطها فيما تتمثل له الفطرة والطبيعة كما أنه يعني التأمل في تصريف القلب بالنظر إلى الدلائل ويحتاج ذلك للشغف في الاستدلال على النتائج، فالحمد الله على نعمة القرآن الذي لم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
family_sciences@