تحدثت في مقالات سابقة عن المبادئ الرباعية في خلق الله عز وجل للكون ألا وهي: المتشابهات - التغيير - النسبة والتناسب - التنوع، والمبادئ الرباعية تعني الحياة بصورها وتعايشها والتي لا دخل ولا يد للبشر في وجودها، وهي من إعجاز الله وإبداعه في خلقه بمنتهى الدقة والتنظيم المتكامل المبني على رحمته فهو الرحمن الرحيم، وأخذ العبرة وميكانيزم الصناعة على أساس المتشابهات، فتأمل المتشابهات في الكون من خلال العلم الحديث يكفل لنا الصناعة الاجتماعية والنفسية أو إعادة تدويرها على الصعيد الإنساني، والتقني التكنولوجي المسخر لخدمة البشرية.
فعلى سبيل المثال «اثبت علم البيولوجيا الحديث أن عقل الخلية يكون بغشائها لا بنواتها كما كان يعتقد قديما، ذلك الغشاء المكون من شفرات كقرون استشعار يطلق عليها مستقبلات لتدرك ما حولها وما بداخلها، وكذلك زودها الله سبحانه وتعالى بمستجيبات تتلقى التعليمات من المستقبلات فتفتح بواباتها أو تغلقها لتسمح أو تمنع مرور المواد المختلفة إلى داخل الخلية وخارجها، فمئات الآلاف من المستقبلات والمستجيبات تعمل في تنسيق دقيق وتناغم بديع، وقد هدى الله عز وجل الإنسان إلى الاتعاظ من عمل الخلية في صناعة رقائق الكمبيوتر وهي تقنية فيزياء وكيمياء الكوانتم، كما أنها بلورات سائلة تتراص جزئياتها بشكل منتظم متكرر، حيث إن رقائق الكمبيوتر تتم برمجتها من الخارج على يد الإنسان» (د.وليد فتيحي، 2016).
وعلى سبيل مثال آخر، فقد هدى الله الإنسان إلى دراسة أنظمة طيران اليعسوب المعقدة بدقتها في صنع الطائرات الحديثة، فاليعسوب لديه أجنحة مزدوجة تعطيه القدرة على الطيران بسرعة تصل إلى خمسين ألف متر في الساعة، حيث إنه قادر على حماية نفسه من الارتطام بأي جسم مفاجئ أو من غدر العدو، فقد زودها الخالق أمام أعينها بنظام استشعاري يمكنها إبقاء رأسها موازيا لسطح الأرض مثل جهاز (جرسكوب) الذي صنعه الإنسان في الطائرات من أجل تحديد خط أفقي اصطناعي يعرف الطيار من خلاله الخط الأفقي الحقيقي ويحدد له موقع الطائرة بعد المناورة وفقا لسطح اليابسة للنجاة من السقوط، والأمثلة كثيرة لا تعد ولا تحصى، فالمتشابهات الحكمة منها الدليل والصناعة التي تهدي الإنسان للتعلم والعبرة والعبادة وخشية الله وتأمل قدرته، (إنما يخشى الله من عباده العلماء) (فاطر: آية 28).
family_sciences@