أثبت العلم اليوم أن الحيوانات تتخاطب وتتحاور كالبشر، وأنها تتبادل الأحاديث على شاكلة ما يقوم به البشر، وهذا ما قد نشرته مجلة «رويال سوسايتي بابلشينغ» البريطانية ومجلة نيوزويك الأميركية في أحدث أعدادها، وكذلك دراسات قام بها عدد من الباحثين من جامعة يورك البريطانية ومعهد الأنثروبولوجيا في ألمانيا وآخر في هولندا، حيث درسوا حالات من حيوانات محددة في تخاطبها، فقد توصلوا إلى أن تلك الحيوانات تناقش وتجادل وتتبادل الأحاديث كما هو الحال عند البشر.
ونحن كمسلمين نعلم أن من أوتي بهذا الشرف هو سيدنا سليمان عليه السلام، لقوله تعالى (وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين) النمل:16، فالإنسان مهما اجتهد في علمه فلن يتوصل لحقائق غيبية كما بينها لنا القرآن الكريم، حيث قال د.مصطفى محمود رحمه الله، إن العلماء الغربيين باجتهاداتهم على مر العصور لم يأتوا بما بلغ به القرآن عن قضية خطيرة تخشع لها القلوب لعظمة خالقها، حيث ان الدواب لها منطق بليغ كما جاء في القرآن في سورة النمل آية 18 (حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون).
وقال د.صبري الدمرداش، رحمه الله، في كتابه إعجاز إن بلاغة تلك النملة تكمن في (لا يحطمنكم) فالتحطيم للزجاج، كما القطع للورق والنشر للخشب والتمزيق للقماش، وذلك أن بجسم النملة كمية من ثاني أكسيد السليكون المادة الخام لصناعة الزجاج، وأيضا نجد البلاغة في لغة الدواب من خلال الحديث الذي دار بين النبي سليمان عليه السلام والهدهد الذكي بفطرته السليمة في قوله تعالى (ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون) النمل:25، حيث تكمن البلاغة الخطابية في (يخرج الخبء) أي الغيث، وهذا على لسان الهدهد، سبحان الله، تلك الآيات الكريمة ومنها المزيد في كتاب الله الكريم بعلمه بها من التأملات ما تقشعر بها الجلود وتهاب منها النفوس، إنها خبايا غيبية يعلمنا إياها الله عز وجل في قوله تعالى (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون) الأنعام:38، فالقرآن يلفت انتباهنا لقضية منطق الدواب البليغ في لغة تحاورها وتخاطبها مع بعضها بعضا، فتبارك الله أحسن الخالقين.
كما يشير د.فتحي بلقاسم عضو هيئة التدريس في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب والمهتم بمواضيع الإعجاز العلمي القرآني إلى لافتة وملاحظة جميلة منه تتعلق بلغة الدواب نقلا عما تفضل به «لم أكن أدري لماذا تستجيب القطط وترعانا انتباهها بصفة فورية وتلقائية لما نناديها كما نفعل بتونس بكلمة (بشبش) ترحيبا بها، حيث نحسبها اشتقاقا من الحديث الشريف «إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم»، فقطعا، الله الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، حيث قطط تونس والكويت وأميركا وتركيا والبرازيل... وقد جربت في كثير من بلدان العالم أن الهرة تستجيب لنفس الكلمة بنفس الطريقة مهما كانت جنسيتها، إذن فالأمر عالمي، وإن الفاعل الحقيقي هنا هو جنسها لا غير».
ويكمل د.فتحي أنه لم يكن يعلم مصدر كلمة (بشبش) ولم يكن يعلم أنها كلمة عربية بليغة صرفة حتى بلغه مؤخرا قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «ما من رجل كان توطن المساجد فشغله أمر أو علة ثم عاد إلى ما كان، إلا يتبشبش الله إليه كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذ أقدم» (حسنه الألباني).
family_science@