يقول الحق تبارك وتعالى في سورة الفرقان آية (2): (الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدّره تقديرا)، إن في خلق الكون كيمياء عجيبة بمنتهى الدقة والحذر، ليتحقق مبدأ الاختلاف والتنوع تحت ستار الاتزان الكوني، فقد قدّر الله سبحانه وتعالى قدر كل شيء من حيث الحجم والشكل والقدرة والوظيفة والعمل ومن حيث الزمان والمكان وتناسقه مع غيره من أعضاء هذا الوجود، أي كل شيء متكامل مع بعضه البعض.
فالكون تركيبة من مواد لها خواص مستقلة عن بعضها البعض، ولكنها متكاملة كما ذكر سلفا، فهي تلعب دورا كبيرا في حياتنا من مختلف النواحي، فالله عز وجل جعل النسبة والتناسب في كل قدر حتى يعزز عمل الكيمياء في السماوات والأرض وما بينهما بمختلف النواحي والأقسام منها الحيوية والعضوية ولا العضوية والكيمياء الفيزيائية وكيمياء الكون، وتتجلى حكمة الله في تقدير كل شيء إنما من أجل اجتهاد الإنسان في اكتشاف العلوم بمختلف أشكالها وأنواعها وعليه خدمة البشرية من نواح منها:
- الوقاية الصحية.
- التكنولوجيا التي سهلت حياة البشر.
- تصحيح المفاهيم عبر الأزمان.
- زيادة اليقين بوجود الخالق وهو الله عز وجل.
- زيادة في فهم كتاب الله عز وجل والتماس غرائبه.
- ارتقاء الإنسان بعلمه ليليق بعبادة ربه.
إننا اليوم نعيش فتنة العلم الكبيرة لسرعتها التطورية في الاكتشاف والصناعة لإيجاد الحلول للمشاكل التي تتعرض لها البشرية والتي هي بمنزلة رسول لهذا الزمان لهداية الناس للحق، والدليل على ذلك ما يحدث اليوم من امتداد إسلامي سنّي كبير والذي هو سر تحركات العدو المخططة ضد توجه الأمة الإسلامية الحقّة من أجل افسادها بكل السبل التي يمتلكها، ولاسيما أن تلك العلوم يجب أن تكون اليوم الرادع الحقيقي لفكر الإلحاد والشرك، وله في ذلك حِكَم، فكل شيء يدل على أنه واحد لا شريك له.
وأخيرا ليس بآخر، إن اعجاز الله في الكون لا نهاية له والسبب يرجع لتلك الكيمياء المعقدة المتكاملة في الكون، وان البشرية مهما وصلت من تقدم هائل في العلوم فإنها في إعجاز للوصول إلى أفقه حتى يجعل الواحد منهم لا يملك سوى أنه عبد لله وأنه عاجز ولا خيار له سوى عبادة الله والرجوع إليه، وذلك لإحباطه مما ينتابه من مشاعر العجز أمام خلق الله العظيم الذي هو أكبر من خلق الإنسان، لقوله تعالى في سورة غافر آية (57) (لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون)، وفي نهاية المطاف يرجع الإنسان ذلولا متضرعا طالبا لعفو الله ورحمته.
إن الله قدّر الأقدار بنسب متفاوتة لتجعل للمرونة عنوانا في الأمور كلها، وهذا التناسق المعقد هو سر نشوء واستمرارية الحياة وتناسبها لكل زمان ومكان.
family_science@