كان يا ما كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان، بلاد تدعى «هذرستان» تزرع الكآبة وتحصد الأحزان، ويوجد فيها برلمان، يضع الضوابط لكل شخص يسمع العود والكمان، ويرقص السامري و«الزفان» أو يغني «يا ليلة دانة لا دان» وفي هذه البلاد لا تعرف الغاضب من أهلها ومن الفرحان، ومن الرابح ومن الخسران.
بلاد صغيرة فلوسها كثيرة، طقسها حار كمثل النار والشرار، ويكثر فيها الغبار. بلاد كانت موطن اللؤلؤ والمحار فصارت موطن الأوهام والأسرار. تقع بالقرب من بلاد الواق واق ويكثر فيها النفاق والحسد والشقاق والمعارك والخناق والهجران والفراق، ويكثر بين أهلها الكلام والملام، وتروج فيها بضائع الأحلام والأوهام وسرقات المال العام. كما يكثر فيها الشجار والأوكار وتموت فيها الأزهار والافكار وتصمت الأطيار.
بلاد تدعم علف الاغنام والجمال وتسمع فيها الأهوال ويكثر فيها القيل والقال ومشاكل البنغال.
بلاد يمزق أبناؤها نسيجها المؤتلف، وكل واحد فيهم يعتقد انه مختلف، وتعلو فيها راية حزب أعداء النجاح، فكلما لاح في سمائها نجم طاح، دامع العين مثخن الجراح، فيفقد الناجح فيها الأمل ويسب اليوم الذي قرر فيه العمل.
www.salahsayer.com