صلاح الساير
دبابات المحتل تحرث الطرقات من العبدلي الى النويصيب مرورا بالسالمي، الخنادق محفورة على طول الساحل، المدافع مزروعة في جميع الجزر، البساطير تطرق الابواب، البارود يبرق في ليل المدينة، نقاط التفتيش في كل شارع، المناطق السكنية محاصرة، البلاد محتلة، القلوب مذعورة.
في ذلك الوقت بدت الكويت في ناظري كما كانت تبدو، على الدوام، مؤمنة، متفائلة، جسورة، واثقة. كنا نضعف فتقوينا، نخاف فتدخل السكينة الى قلوبنا، نبكي فتكفكف دمعنا. كانت بلادنا تغتسل بضوء النهار، وتكحل عينيها بلون الليل، وتهدهدنا في احضانها كي ننام ونحن نحلم بالنصر القريب.
في زمن الغزو لم تكن بلادنا «تحت الاحتلال» بل كانت «فوقه» حسب تعبير الشاعر الكبير مسفر الدوسري. اما اليوم فأكاد اجزم بأنها المرة الاولى في حياتي التي اشاهد فيها بلادي بهذه الصورة الكئيبة الحزينة، وكأنها مأسورة في قبضة ابنائها العاقين.