صلاح الساير
العتاب سيد الموقف، فنزعة اللوم و«التشره» تتفاقم في دواخل شخصياتنا، ان صادفك أحد الأحبة قرّعك بالكلام الجميل «اشدعوه، وين هالغيبة يا القاطع؟» وان قررت من ناحيتك قطع الغياب وزرت الصحاب أمطروك بوابل من العتب «زين تذكرت ان لك ربع» لذلك انت، على الدوام، في موقع المذنب.
يتصل بك أحد الأصدقاء، فلا يعرّف بنفسه على الهاتف، حسب الأصول المتعارف عليها، بل يمتحن ذاكرتك، ويسأل «ها ما عرفتني؟» فيضعك في اختبار قسري رغم أنفك، وحين يتعذر عليك معرفته، تشعر بالحرج، ليبدو هو الشخص الطيب، الحبيب، الذي يتذكر الآخرين ويتكرم بالتواصل معهم.
في سبيل توثيق العلاقات الحميمية تسيطر علينا نزعة عدوانية، فدونما قصد يسجل واحدنا النقاط ضد الآخر، فنحن نعيش بين رحى معادلة رهيبة يجب ان يكون أحد أطرافها مذنبا يستحق الجلد بسوط الكلام الجميل.
انها خصومة باطنية تجهل ان المحبة الحقيقية شمس تشرق دون ان يدعوها أحد.