صلاح الساير
أشرت يوم أمس إلى «العلاقة الحصرية» بين الناس أو «العلاقة الجنينية» نسبة للجنين في رحم أمه، والتي يتوهم فيها أحد الأطراف تملكه للطرف الآخر (صديقا كان أو أخا أو زميلا أو غيرهم من الأهل والمعارف) في علاقة استملاك شرسة يحظر فيها تحضير الآخرين أو تزجية الوقت معهم، وكنت قد استثنيت العشاق من هذه العلاقة الحصرية، فكيف؟
لو جاز لي أن أشير «بتصرف» إلى نظرية الحلول الصوفية التي آمن بها الحلاج وهو القائل «أنا من أهوى ومن أهوى أنا/ نحن روحان حللنا بدنا» واستبعدت الطرف الإلهي من المعادلة، فيمكنني توصيف علاقة العشاق على انها أشبه بحلول الناسوت (لا اللاهوت) في ناسوت آخر، فالعشق علاقة روحية يمتزج فيها الحبيبان وتتقارب روحاهما الى حد الاندماج.
العشق انصهار رجل وامرأة في بعضهما، وتلك حالة تستوعب العلاقة الحصرية الجنينية وربما تفرضها، حكما، عندما يكون من الصعب فصل «وقت العاشق عن وقت المعشوق» مثلما يصعب فصل الجنين عن أمه وهو في رحمها، فالعاشق أيضا يتغذى ويشرب وينمو من روح المعشوق وبحضوره، وما الفصل بينهما إلا هلاك أكيد.