بعد ارتفاع أسعار السمك في الكويت وبلوغها درجات جنونية تنادى الناس في مواقع التواصل الاجتماعي للكف عن شراء الأسماك تحت شعار «خلوها تخيس» والعبارة تعني «دعوها تعفن» وسرعان ما استجابت الأسواق لهذه المقاطعة وتراجعت الأسعار غير أنها مرشحة للصعود ثانية إن بقيت ذهنية المستهلكين (نحن) على حالها الأول ولم تتغير، ومن الواضح أنها ذهنية باقية ومستمرة ما لم يستشعر المجتمع خطورتها.
****
الذهنية الاستهلاكية في المجتمع الكويتي مسؤولة عما يحدث سواء في سوق السمك أو في غيره من الأسواق، فليس التاجر هو المسؤول عن مشترياتنا نحن المستهلكين الذين تهيمن علينا شهوة التبذير ورغبة الإسراف والتقليد وعقدة التباهي والتفاخر بكل شيء بما في ذلك الأطعمة والسلع الاستهلاكية بمختلف أنواعها، فلا ينبغي حرف النظر وتعليق نتائج عاداتنا الاستهلاكية السيئة على مشاجب التجار.
****
قبل أن ندع الأسماك «تخيس» في الأسواق علينا أن نقلع عن عاداتنا الاستهلاكية السيئة وندعها «تخيس» وتغادر ذهنيتنا وذلك بالالتزام بالصرف المالي الرشيد، والتباسط بالملبس والمأكل، والكف عن التبذير وتقليد الأثرياء، وتعزيز الثقة بالذات والتي تعبر عنها مقولة «الجود من الموجود» فليس «بالزبيدي» وحده يحيا الإنسان.
****
بالطبع على الجهات الحكومية مسؤولية مراقبة الأسواق وضبط الأسعار فيها، غير اني أجد في الأمر فرصة للتفكر بحالة الذهنية الجمعية وهيمنة التقليد و«الفشخرة والشحاطة» والعجز عن إدراك أن السعادة الداخلية مصدرها الرضا، فالحكاية تتجاوز غلاء أسعار الأسماك، ويكفي أن نتذكر حكاية صندوق المتعثرين في سداد القروض الاستهلاكية.
www.salahsayer.com
salah_sayer@