صلاح الساير
حين يعجز مروجو الاشاعات عن اثبات اقاويلهم ضد شخص ما، يهمسون لمن يستمع اليهم «لا دخان بلا نار» بغرض تثبيت الاشاعة في النفوس، فالانسان يستعمل الدخان في نشر الاشاعات، ويستعمله في نقل الرسائل مثلما يفعل الهنود الحمر، كما يستعمله الڤاتيكان في بث الاخبار عند عملية اختيار البابا الجديد، والناس في الخارج ينتظرون تطاير الدخان الابيض كاشارة لاعلان النتيجة.
حين يلمح التائه في الصحراء دخانا من بعيد فتلك بارقة امل، وعندما يلحظ نزيل الفندق انتشار الدخان في الممر فذلك انذار بكارثة حريق، وفي لهجتنا المحلية نقول «فلان دخن» ولا نعني التدخين المعروف بل نقصد انه احترق غضبا وخرج منه دخان، وقد احرق الانسان التبغ في السيجارة والارجيلة والغليون ليبتلع الدخان الناتج عن هذا الاحتراق ويشعر بالمتعة قبل ان يكتشف علاقة التدخين بالموت.
الادخنة التي تنفثها المصانع اخطر ملوثات البيئة، والدخان الخارج من عوادم السيارات يحمل رائحة كريهة، اما الدخان الخارج من طنجرة الطبخ فيشعر الشبعان بالجوع، وقد شغفت جميع الثقافات بالادخنة منذ القدم فأحرق الانسان اعواد النباتات وثمارها، بخورا للعطور أو طرد الجن أو العلاج أو التبرك.