أقبل العيد، والعيد فسحة للنواح والعويل وسح الدموع لدى أصحاب الشخصية الاكتئابية الذين يتحكم بهم النكد والحزن والهلوسات. فالعيد بالنسبة لعموم الناس مناسبة للفرح والسرور والحبور، أما بالنسبة لأعضاء «نادي النكد» ففرصة جنائزية للشكوى ولطم الخدود وشق الجيوب والتحديق بالنصف الفارغ من الكأس. ذلك لأنهم اعتادوا على انتهاز اللحظات الإيجابية للإعلان عن مشاعرهم السلبية. فهذه الشريحة البشرية تشكل لها صبيحة النهار فرصة مواتية لتذكر خرمس الليلة الماضية.
***
أصحاب الشخصية الاكتئابية يعيشون بيننا بدرجات متفاوتة، وبعضهم يذكرنا بذلك الشخص الذي يردد في كل عيد بيت الشعر الشهير (عيد بأية حال عدت يا عيد.. بما مضى أم بأمر فيك تجديد) فعوضا عن اعلان فرحته والتضامن مع الآخرين في فرحة العيد (الأطفال على وجه الخصوص) يردد بيت شعر مشؤوم وينسى انه قيل لمناسبة تخص الشاعر المتنبي الحالم بالسلطة والثروة. والذaي خذله كافور الاخشيدي، فتحول من مدحه إلى هجاء «كويفير» حسب ما اطلق عليه في القصيدة ذاتها.
***
مشكلة شخصية تخص شاعر طموح، أو طموع، تسببت بصناعة مشجب موسمي لكل راغب بالنواح ورفض الفرح بذرائع واهية، كالتحجج بما يجري في الدول العربية من مصائب ونكبات وكوارث، وكأن الأطفال في المناطق المنكوبة لا يفرحون بالأعياد، ولا الكبار يتزوجون ويقيمون الأفراح بين الخرائب، وهذه من طبائع البشر. وأختم هذه العجالة ببيت شعر للشاعر إيليا أبو ماضي يناقض دعوة المتنبي الكئيبة، ويدعو للتفاؤل والفرح والابتسام بصرف النظر عن واقع الحال فيقول (قال السماء كئيبة وتجهما.. قلت ابتسم يكفي التجهم في السما).
www.salahsayer.com
salah_sayer@