بعد أن لاحظت السلطات المختصة في ألمانيا الشرقية (الشيوعية) تزايد الساعات التي يقضيها العمال في الحانات المحيطة بعدد من المصانع قررت إغلاق تلك الحانات لمنع العمال من هدر الوقت بالثرثرة وربما انتقاد الحالة السياسية! وبعد فترة من الزمن تبلغت السلطات تقريرا خطيرا عن تراجع إنتاج تلك المصانع.
الأمر الذي جعل السلطات تعدل عن قرارها وتعيد فتح الحانات التي كانت تشكل فسحة للعمال للترفيه والحديث مع الأصدقاء والترويح عن النفس بعد عناء العمل، وانعكاس ذلك على الإنتاج بشكل إيجابي.
****
إذا كان سماع الموسيقى يحسن من إنتاج الأبقار للحليب، ويسهم في تسريع نمو الأزهار وصحة النباتات ومقاومتها للآفات. فما بالنا بالإنسان الذي ثبت أن للإحباط والسخط والحزن والتهميش تأثيرا سلبيا على قدرته الإنتاجية ونوعيتها.
لهذا تسعى الشركات الناجحة إلى خلق بيئة عمل مريحة، وتحرص على متابعة مدى الرضا الوظيفي لدى العاملين فيها. وفي دولة الإمارات العربية المتحدة حيث «وزارة السعادة» فرغت من وضع (البرنامج الوطني للسعادة والإيجابية) الساعي إلى توفير بيئات إيجابية وسعيدة في الهيئات والمؤسسات الحكومية مثلها مثل الشركات الخاصة.
****
الموظف الذي لا يحب عمله أو لا يجد فيه بيئة سعيدة تسعفه على الإنتاج يتحول إلى عنصر ضار يؤثر سلبا على سير العمل. وكذلك المواطن المحبط، المهمش، الساخط، ربما يكون ضعيف الولاء وسهل الاختراق من قبل أعداء الوطن. والمشكلة العويصة أن الإنسان قد (يتوهم) مشاعر السخط والخيبة والغضب دونما سبب حقيقي.
وغالبا يحدث ذلك (التوهيم) بسبب قدرة الخصوم على ترويج مشاعر الكآبة والإحساس بالفشل وانتشار الظلم في البلاد، وفي المقابل عجز الدولة أو عدم معرفة الحكومة بخطورة تلك المشاعر التي من رحمها يتوالد الطابور الخامس.
www.salahsayer.com
salah_sayer@