www.salahsayer.com
@salah_sayerيعيش في دولة أوروبية حيث العقلانية سيدة الحياة، وحيث احترام حقوق الإنسان والمساواة والعدالة تتجلى في كل زاوية من زوايا مدينته التي لم يعهد أهلها الحكم على الآخر بسبب أصله أو دينه أو عرقه أو لونه. مثقف يعمل في مكتبة المدينة ويتمتع بخلق رفيع. لديه اهتمامات خاصة بالفلسفات. باحث رصين، تستضيفه الجامعات ومراكز البحث هناك لإلقاء المحاضرات الفلسفية على الباحثين عن المعرفة. يعيش ويتعايش مع السكان الأصليين في بيئة حضارية سرعان ما صار يشبهها رغم انه جاء إليها مهاجرا من بلاد العرب وتحديدا من مدن الأنهار.
***
دارت الأفلاك بدورتها وتفجرت الأزمة القطرية في الخليج، وتباينت مواقف الناس منها. وكالعادة انكشفت الضغائن والعصبيات المضمورة في سرائر الأنفس، وشرع الكارهون للدول الخليجية بالنفخ في رماد الأزمة بغية إشعال نيرانها أكثر، وتطايرت الشتائم والشماتة في فضاء الإنترنت. فامتشق صاحبنا المثقف (العربي/ الأوروبي) سيفه وشمر عن ساعده، وتمرغ في ثقافة (عنزة لو طارت) واغتسل بأوهام (المركز والأطراف) وطفق يغرد في «تويتر» قائلا ان (حرب البسوس تعود ثانية بين البدو) وبالطبع يقصد الشعب الخليجي!
***
السنوات الطويلة التي عاشها (صديقي المثقف) بين الشعوب الاوروبية المتحضرة لم تطهره من عصبويته وعنصريته رغم محفوظاته الغزيرة بالإنسانيات والحريات والفلسفات التي أنسته حقيقة موطنه الذي هاجر منه، والساقط حاليا في وحل الاحتراب الداخلي والتقاتل الهمجي فبقيت المحفوظات المعرفية طافية على سطح شخصيته ولم تتغلغل في روحه كي تسعفه على رؤية الحياة والإنسان على نحو أعمق وأشمل. فأهل الخليج في نظره (بدو يركبون الجمل ويسكنون الخيام) وهي عقدة مزمنة، لا حل ولا طب لها، ويمكن رصدها لدى الكثيرين من العرب الذين يرددون هذه الأوهام وهم غرقى في وحل التخلف والانكسار.