عرفت البشرية الدولة الاستبدادية عبر أشكال مختلفة أشهرها الممالك القديمة التي يحكمها شخص واحد مستبد، كما عرفنا الدول التي تديرها الأحزاب الفاشية التي تحتكر الدولة وتسخرها لخدمة افكارها الفاسدة أو حروبها العبثية، وكذلك عرفنا ديكتاتورية العسكر أو «العسكرتاريا» حين تستولي الجيوش على السلطة السياسية فيجعلون الثكنات تحكم القصور، وسمعنا عن ديكتاتورية البروليتاريا التي بشر بها الشيوعيون الذين حلموا طويلا بسيطرة الطبقة العاملة على الدولة، وفي الدولة الثيوقراطية الدينية عرفنا وشاهدنا كيف يهيمن رجال الدين على مقدرات الدولة، أما في الكويت فقد نشأ نظام جديد يمكن تسميته بدولة الموظفين.
* من المخاطر الحقيقية التي تواجهها الكويت استمرار «دولة الموظفين» وأقصد نظامها الاداري المترهل والمسؤول عن العديد من التراجعات والخسائر، والمتمثل في تضخم الجهاز الاداري في الدولة وتكدس الموظفين، ورؤساء الأقسام، ومراقبي المراقبات، ومديري الإدارات، والمدراء العامين، والوكلاء المساعدين، والوكلاء الأصليين، وكبار الموظفين، وصغار كبار الموظفين (!) والإدارات الوسطى والعليا، وجيوش السكرتاريا حتى أصبحت الأجهزة الحكومية أشبه بالمتاهة الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود.
وأمسى الجميع تحت رحمة ديكتاتورية دولة الموظفين.
* في الفترات الانتقالية توصف الحكومة، أي حكومة، بأنها حكومة «تصريف أعمال» ومن يشهد الوضع الإداري في الكويت أو تدفع به الأقدار إلى ذلك المصير المرعب يتمنى بلوغ ذلك الحد الأدنى من الأمنيات وأقصد «تصريف الأعمال» المتوقفة أو البطيئة بسبب ان الجهاز الإداري متضخم جدا ومعدلات انتاجه ضعيفة جدا.
ومن الطبيعي أن يسعى الموظفون بصورة تلقائية إلى تفعيل مبدأ «عسر ولا تيسر» من أجل حماية «ديكتاتوريتهم» ومكتسباتهم الوظيفية وأولها التحكم بالبشر والهيمنة عليهم في مجتمع صغير يسهل فيه تطبيق مقولة «شيلني وأشيلك» في أجواء تعج بحكايات أعجوبية عن الفساد الذي تعجز عن حمله البعارين!
www.salahsayer.com
salah_sayer@