في المدرسة الثانوية كان ينشط في مجال صحافة الحائط قبل ان ينخرط في الدراسة الجامعية ويعمل خلالها محررا في إحدى صفحاتها التي تعنى بشؤون العلم والتعليم. وبعد التخرج شرع في كتابة المقالات العميقة حتى برز في مجال التحليل السياسي الذي يشرح المواقف السياسية المحلية والدولية.
فلفت أنظار التلفزات الإخبارية التي أصبحت تستضيفه في برامجها السياسية ليشارك في التحليل السياسي. وهذه قصة متخيلة تختصر سيرة النخب الفكرية في الماضي القريب وقت كانت الصورة واضحة جلية قبل ان تغبشها الفوضى.
****
كان الرأي حكرا على من يملك الرأي وحده. أما الآخرون فيملكون حق الإصغاء فقط لا غير. وكان ذلك قبل أن يعبث العرب في مسألة (حرية التعبير) وديموقراطية (إبداء الآراء).
وقت كان صاحب الرأي الرصين يتكئ على ماضيه وتجاربه وقراءاته ومقالاته وبحوثه. فمن لم يدرس في مجال الاختصاص كان يحمل معارف غزيرة في هذا المجال او ذاك، نتيجة للقراءة العميقة المتواصلة. كما انه يملك تجربة ثرة من الكتابات والمشاركات التي رسخت اسمه في أذهان القراء والمشاهدين.
****
واليوم وبعد انتشار وباء الفضاء الإعلامي وسهولة الكتابة وإبداء الرأي في الإعلام الاجتماعي وضمور تأثير الإعلام التقليدي وهيمنة الشبكة العنكبوتية على البشر اضمحلت النخب الفكرية وتلاشت الأسماء الرصينة وتقدم المشهد أسماء ليس لها تاريخ مهني.
وأمسى المعلم يرقص والرقاص يخطب والخطيب يرسم والرسام يزرع والمزارع يفصل في المنازعات الرياضية، وأضحى الراقد كالمستيقظ، والجالس كالراكض، والخارج مثل الداخل.
وأمست الأسماك تحلق بين الأشجار، والعصافير تزأر بوجه الأسود التي تفر لتغوص في أعماق البحر. وبدا العالم وكأنه خارج من إحدى لوحات سلفادور دالي.
www.salahsayer.com