يتمتع المسيحيون الصهاينة في الولايات المتحدة بنفوذ قوي رغم قلة عددهم وهم ينتمون إلى الطائفة البروتستانتية كبرى الطوائف النصرانية الأميركية.
ويعتبرون من المسيحيين الأصوليين المتطرفين الذين لا تشعر الطوائف المسيحية الأخرى كالكاثوليك والأرثوذكس وغيرهم بالارتياح تجاههم بسبب معتقداتهم المخالفة لتعاليم الكتاب المقدس.
فهؤلاء المسيحيون الصهاينة يعتقدون بحق عودة اليهود إلى فلسطين كنبوءة إلهية وعلى أنها شرط عودة المسيح، رغم أن اليهود هم من كذب نبوة المسيح عليه السلام واتهموا والدته مريم عليها السلام بالزنا وتورطوا في صلبه كما في التراث النصراني الذي يرى أن اليهود بعد فعلتهم الشنيعة تلك طردوا من رحمة الرب ولا معنى لحقهم بالعودة إلى فلسطين، وأن مدينة القدس هي من أقدس المقدسات المسيحية، حيث توجد فيها كنيسة القيامة التي خاض النصارى الكاثوليك حروبهم الصليبية الطويلة من أجل استردادها مع كنيسة المهد من أيدي المسلمين ووضعهما تحت عهدتهم المسيحية.
لكن عودة مجموعة من اليهود إلى فلسطين في القرن العشرين وإنشاء كيانهم الصهيوني فيها لا يعني لدى غالبية النصارى أن الرب قد كافأ اليهود وأوفى بعهده لهم (بل بوعد من بلفور وليس بوعد من الرب) كما صرح بذلك البابا شنودة الثالث بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
أما دكتور العقائد جورج عطية، فقد صرح في إحدى محاضراته بأن (المسيحية لا تعرف لا بشرقها ولا بغربها وعلى مدى قرونها كلها أي ميل لقبول أي فكرة صهيونية بسبب التصادم الجذري بين المفهومين).
وكان موقف الفاتيكان الممثل للكنيسة الكاثوليكية خلال تاريخه الطويل واضحا برفض القبول بحق اليهود بالعودة إلى فلسطين حتى العام 1965 عندما تغير موقفه كلية بإصداره وثيقة براءة اليهود من صلب المسيح جراء الضغوط الصهيونية بعد الحرب العالمية الثانية.
ولا يخفى أن هذه الوثيقة كانت صادمة لأتباع الكنيسة الكاثوليكية والأرثوذكسية لأنها تخالف ما كانوا يعتقدونه من تعاليم الإنجيل تجاه اليهود.
وترجع قوة نفوذ المسيحيين الصهاينة في الولايات المتحدة إلى تواجدهم في مراكز صنع القرار الأميركي كالكونغرس وفي المؤسسات العسكرية والمالية والإعلامية، بل إن الرؤساء الأميركيين السابقين مثل رونالد ريغان وجيمي كارتر وبوش الإبن ومن قبلهم الرئيس ترومان الذي مارس ضغوطا كبيرة على المجتمع الدولي من أجل الاعتراف بالكيان الصهيوني في فلسطين عام 1948 معروفون بأنهم مسيحيون صهاينة ومن أشد الداعمين للكيان الصهيوني المحتل وقد تفوق عليهم الرئيس الحالي دونالد ترامب عندما كشف الستار عن خلفيته الصهيونية أمام العالم وأصدر قراره بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل سفارة دولته إليها.
وهؤلاء المسيحيون الصهاينة لا يصطدمون بتعاليم الكتاب المقدس فحسب، بل يتحدون إرادة المجتمع الدولي الذي صوت بأغلبية ساحقة في الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد قرار ترامب.
وهنا تكمن خطورتهم في أنهم كالصهاينة دعاة شر وإفساد في الأرض ولا يمثلون القيم الأميركية التي تدعو إلى نشر السلام واحترام حقوق الإنسان.