هجوم الشاب الأميركي كروز بالسلاح على مدرسة ثانوية في ولاية فلوريدا منذ أيام وتسببه في سقوط زملاء له في المدرسة غالبيتهم من القتلى (17 قتيلا) لن يكون الأخير.
فمنذ شهور هاجم ستيف بادوك حفلا مقاما خارج فندق في لاس فيجاس وكانت حصيلته عشرات القتلى ومئات الجرحى، ناهيك عن العديد من الحوادث الشبيهة التي تكررت في السنوات السابقة.
مسلسل القتل هذا لن يتوقف طالما بقي هوس اقتناء السلاح متفشيا في المجتمع الأميركي وتدافع عنه منظمات مدنية مثل NRA يحسب لها مرشحو الكونغرس والرئاسة ألف حساب.
أما هوس الادارة الأميركية ومؤسساتها العسكرية بالسلاح فيتمثل في الاهتمام بتطويره وانتاجه وانتهاز الفرص لتجريبه في الحروب مثل ضرب هيروشيما ونجازاكي بالقنابل الذرية في الحرب العالمية الثانية وتجريب القنابل الحرارية المضادة للدبابات في حرب تحرير الكويت وقد تسببت في أمراض غريبة لم تكن معروفة في الكويت، وتجريب قنبلة مطورة حديثا أطلق عليها اسم (أم القنابل) شديدة الانفجار ضد طالبان أفغانستان وقد تسببت في دمار واسع السنة الماضية.
ولعل تواجد داعش في كل من سورية والعراق كان فرصة في تقاطر القوات الأميركية والقوات الروسية على البلدين من أجل تجريب أنواع جديدة من الأسلحة المطورة بل وتدريب الأطقم العسكرية على حرب المدن المحاصرة باستخدام الأسلحة البرية والجوية الذكية، وقد استعرض الروس قوتهم البحرية من خلال قصف المدن السورية بصواريخ بعيدة المدى تطلق من فرقاطاتها المتواجدة في البحر المتوسط، كما قاموا بنشر منظومة صواريخهم المطورة S400 على الأراضي السورية وجلبوا معهم أحدث طائراتهم الحربية وكأن الروس والأميركان في حالة استعراض القوة ولكن على أجساد العراقيين والسوريين الأبرياء.
وكما هو معلوم فإن المدنيين الذين سقطوا قتلى في حرب القوتين على داعش يفوق بكثير القتلى من عناصر داعش المسلحين بأسلحة خفيفة وغير متكافئة، ناهيك عن الدمار الواسع الذي حل بالمدن العراقية كمدينة الموصل وكبريات المدن السورية مثل حلب التاريخية تحت ذريعة محاربة داعش.
وما تتعرض له الغوطة الشرقية هذه الأيام من دمار وقتل للمدنيين بقصف جوي وبري غاشمين وبقيادة عسكرية روسية هو غطرسة وتصرف روسي جنوني يفترض أن يكون على أرض الدولة الأوكرانية الجارة والعدوة اللدودة لروسيا وليس على الأرض السورية البعيدة والمسالمة.
ومن المؤكد أن هذه السياسة التدميرية التي لا تراعي المسألة الانسانية ولا الحلول السياسية العادلة هي سياسة متعمدة من أجل تدمير المنطقة وجعلها في حالة من الفوضى حتى تكون تحت الوصاية المباشرة لكل من القوتين حيث ستجنيان شركاتهما أموالا طائلة عندما تبدأ مرحلة اعادة الاعمار بل ستتقاطر عليهما طلبات شراء الأسلحة من قبل دول المنطقة، فرهاب الحرب المفتعلة على الارهاب وما صاحبها من معاناة انسانية لايزال يخيم على أجواء منطقتنا العربية.
لن تهنأ منطقتنا العربية بالأمن والاستقرار وهي بين طرفي كماشة أميركية ـ روسية الأولى تغطي الجرائم التي يرتكبها نظام الفصل العنصري الصهيوني في فلسطين والثانية تشارك وتغطي جرائم الحرب التي يرتكبها نظام الأقلية الطائفي البعثي في سورية، كما لم تعد الأمم المتحدة ملاذا لإقرار العدل والسلام وهي تدار من قبل ديناصورات متوحشة لا تقيم وزنا لحياة الانسان.