لا يمكن تصور كيفية تجاوز العرب الظروف القاسية التي يمرون بها في الوقت الحالي، فغالبية الدول العربية تعاني أوضاعا اقتصادية خانقة تجبرها على الاقتراض مع استحالة تسديد الديون المتراكمة عليها، حتى الدول الغنية منها كدول الخليج تتعرض الآن لابتزاز مالي من قبل الإدارة الأميركية وعلى لسان الرئيس ترامب مما يزيد من عجزها المالي الذي يتسبب في عرقلة تنفيذ خططها التنموية، ناهيك عن حالات الإنهاك التي مر بها الشعب السوري في نضاله للتحرر من نظام الأقلية الطائفي الدموي، والشعب اليمني في مقاومته للحوثيين الذين استولوا على السلطة بدعم من النظام الإيراني والشعب العراقي الذي لم يسترد عافيته بسبب حربه على داعش وصراعاته السياسية وحالة الفساد المستشري في ساسته، والشعب الليبي الذي لا يراد له الاستقرار منذ تخلصه من الدكيتاتور المتسلط القذافي.
ويمكن معرفة ضخامة الأعباء الاقتصادية التي يواجهها العرب إذا علمنا أن إعادة إعمار سورية يتطلب 250 مليار دولار خلال 15 عاما حسب المسؤولين الأميركيين، مع العلم بأن الولايات المتحدة غير مستعدة للمشاركة في إعادة إعمار سورية مع أنها ساهمت في تدمير سورية إلى جانب روسيا والنظام الإيراني اللذين يعانيان مشاكل اقتصادية كبيرة، مع استحالة تنفيذ عملية الإعمار مع بقاء النظام الطائفي الفاقد الشرعية والذي كان السبب الرئيسي فيما تعرضت له سورية من دمار وتهجير وقتل لشعبها.
حتى المواقف السياسية العربية الموحدة لم يعد لها وجود وأصبحت الجامعة العربية مجرد مبنى يشكل عبئا ماليا على الدول الداعمة لها ماليا. ولم يعد مجلس التعاون الخليجي الذي كنا نتفاءل به كحاله قبل أن يدب الخلاف بين دوله ولعله أصيب بداء جامعتنا العربية.
وبالأمس تحدث نتنياهو الصهيوني عن الحاجة إلى تشكيل جبهة عربية - إسرائيلية لمواجهة إيران وكأنه يشير إلى ضعف العرب بمفردهم في مواجهة إيران وتمددها في المنطقة وهي السياسة التي طالما باركها الصهاينة لأنها تقدم خدمة جليلة تهدف إلى دفع العرب إلى التقارب معهم وتجاوز قضية الصراع معهم لصالحها.
لم يتشرذم العرب منذ اتفاقية (سايكس - بيكو) عام 1916 كتشرذمهم في الوقت الحالي، وما لم يتخذوا تدابير جادة للخروج من أزماتهم الحالية والاعتماد على أنفسهم دون غيرهم فإن مستقبلهم سيكون أسوأ من حاضرهم.
****
بعد تجريد مجلس مدينة أكسفورد البريطانية رئيسة الوزراء البورمية أون سان سو تشي من جائزة وسام حرية المدينة، أقدمت كندا قبل أيام على سحب الجنسية الكندية الفخرية منها ردا على إصرارها - كما صرح الناطق باسم وزيرة الخارجية الكندية - على رفض إدانة إبادة أقلية الروهينغا المسلمة على أيدي جنرالات الجيش البورمي.
لقد حصلت هذه المرأة خريجة جامعة أكسفورد المرموقة على عدة جوائز كجائزة سخاروف لحرية الفكر وجائزة نوبل للسلام وجائزة جواهر لال نهرو وميدالية الكونغرس الأميركي الذهبية لكنها انسلخت عن مبادئها الديموقراطية التي تطالب بها وتنازلت عن وظيفتها كناشطة حقوقية وآثرت الانضمام إلى عصابة الجيش البورمي في التنكيل بالأقلية المسلمة التي هي جزء من الشعب البورمي من أجل أن تبقى كرئيسة وزراء لكنها سقطت من أعين المجتمع الدولي ومنظماته الحقوقية.
****
منحت ناديا مراد الإيزيدية العراقية جائزة نوبل للسلام مع الطبيب موكويغي. وأشار الإعلام الغربي إلى أن ناديا مراد كانت ضحية اعتداء جنسي قامت به عناصر داعش.
لقد تعرض الكثير من النساء السوريات للاعتداءات الجنسية خلال الحرب التي شنها نظام البعث الطائفي على الشعب السوري وآلاف النساء البوسنيات المسلمات تعرضن للاغتصاب من قبل الجنود الصرب ولم تمنح جائزة نوبل للسلام لأي منهن. وهذا ما يؤكد لنا أن هذه الجائزة منحت برغبة معادية للإسلام والمسلمين.
وهناك الآلاف من الأطفال الذين تعرضوا لاعتداءات جنسية وحشية من قبل القساوسة الكاثوليك ولم يمنح أي منهم جائزة نوبل للسلام وهذا ما يؤكد حرص لجنة الجائزة على تفادي الفضائح التي تمس مؤسساتهم الدينية وعلى رأسها الفاتيكان.