مطالب الشعوب في لبنان والعراق والجزائر لم تؤت ثمارها بعد رغم انتفاضاتهم المستمرة ضد حكوماتهم.
وقد شهد العالم تلك الانتفاضات ونجحت تلك الشعوب في فضح فشل تلك الأنظمة في توفير متطلبات العيش الكريم لمواطنيها سياسيا واقتصاديا.
بعد هذه الفضائح والإحراجات عمدت تلك الأنظمة كالعادة الى استحضار شماعة العامل الخارجي وتدخلاته في إثارة تلك الانتفاضات عليها.
في لبنان كانت الانتفاضة شديدة الوقع على حكومته الطائفية لأن الشعب اللبناني بجميع طوائفه خرج منددا ومتوعدا حكومته الفاسدة التي تمادت في تعاطي الصراع الطائفي المبطن ونسيت حقوق الشعب عليها.
وفي العراق بعد سكرة الطائفية التي زرعتها الولايات المتحدة فيه استفاق العراقيون على بحر من الفساد، وقد أضاع عشرات المليارات من أموال الشعب العراقي وأحال العراق النفطي إلى دولة شبه مشلولة الخدمات رغم كل ما تتمتع به من إمكانيات اقتصادية وزراعية، واكتشف العراقيون أن إيران المتواجدة في العراق تريد إقامة نموذج إيراني في بلادهم تابعا لها، وهذا ما يفسر القمع العشوائي الذي يتعرض له المتظاهرون العراقيون دون هوادة وأسفر عن مقتل المئات وجرح الآلاف من المتظاهرين وبنفس الأسلوب الذي يتبعه النظام الإيراني داخل إيران، وكل ذلك خوفا من انهيار النظام الطائفي الجديد في العراق وما يشكله ذلك من تهديد مباشر على النظام في إيران.
الجزائر يصنف بأنه بلد شبابي حيث يشكل الشباب غالبية شعبه لكنه يعاني من البطالة، ويتمنى الكثير منهم الوصول إلى أوروبا للحصول على وظيفة تسد متطلبات معيشتهم، كما أن الحالة الاقتصادية تعاني من الكساد رغم أن الجزائر بلد نفطي يتشبث الجيش فيه بالسلطة ويتمتع بنفوذ مطلق ويرفض إجراء الإصلاحات المستحقة التي يطالب بها الشعب الجزائري.
الخروج من أزمة الجزائر الحالية بيد قيادات الجيش التي يفترض أن تنهي الأزمة بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية أحق منه بإدارة الدولة كما فعل الجيش السوداني وحقن بذلك دماء السودانيين.
أما أزمة العراق فإن العراقيين يرون أن تحرير العراق من النفوذ الإيراني هو بداية الطريق نحو حل هذه الأزمة وأنهم أولى بدولتهم من هؤلاء الدخلاء الإيرانيين الطائفيين الذين لا يعترفون بسيادة الشعب العراقي على بلاده، وكان هذا واضحا عندما قام المتظاهرون العراقيون بإنزال العلم الإيراني من مبنى قنصلية إيران في كربلاء وتثبيت العلم العراقي مكانه.
لكن الخروج من الأزمة اللبنانية بات أمرا محيرا، فلبنان بلد الطوائف ذو جغرافية طائفية وكتل طائفية شبه متعادلة، وهو يعيش فيما يشبه دويلات داخل الدولة الواحدة منذ استقلاله، وقد أثبتت الأيام فشل المحاصصة الطائفية في إدارة شؤونه، وكانت سببا في انتشار حالة الفساد وتعطيل مصالح الدولة، وعليه فإن التخلص من الطائفية فيه كمطلب شعبي كاستحالة انسلاخ الإنسان من جلده، لكن يظل الحراك الشعبي عامل صداع لحكومته الطائفية ولعله يثير الأمل في إيجاد مخرج من هذه الأزمة.