أساء الكثير من عموم المسلمين ما آلت إليه أمور الآراء المتناقضة من بعض كبار المشايخ في المملكة العربية السعودية وفتاواهم التي تتعارض مع ما هو قائم ومعروف، الأمر الذي استهجنه الكثير سواء لتطرفه أو عدم مواءمته لطبيعة الزمن الحالي، ومن ثم تصبح هذه الفتاوى قضية عامة يتناقلها الإعلام في بعض الأحيان بسخرية بعيدا عن الاعتبارات الدينية لكونها مادة دسمة ومثيرة للقارئ أو للمشاهد ولتأخذ بعدا فكريا تبلور على شكل جدل لا طائل منه بين كبار المشايخ تابعه الكثير عبر وسائل الإعلام، وللأسف لم تكن هذه المساجلات إلا دعوة للمزيد من الفتاوى المستهجنة لعقل المسلم البسيط الذي لم يستطع إدراك هذه الآراء، التي تنوعت على حسب المفتي فمنهم من أباح رضاع الكبار، وهناك من حلل سماع الموسيقى، ومنهم من دعا إلى هدم الكعبة الشريفة وإعادة بنائها بشكل يسمح بفصل النساء عن الرجال، ومنهم من تطرف بفتواه ليكفر أصحاب بعض المحطات وغيرها الكثير من الفتاوى، لذا نجد أن المسألة تعدت ما يتقبله المنطق والاجتهاد لتأخذ بعدا غير معقول ولا يتناسب مع متطلبات العصر التي تقتضي أن تكون الفتوى ملائمة لمكانها وزمنها حتى تكتمل فيها الشروط الداعية لها، إلا أن البعض من مشايخ الفتاوى المثيرة يأبى التراجع وإصراره على أدلجة الساحة الدينية، مما تسبب في نشوب جدال بين كبار العلماء لا يسمن ولا يغني بشيء سوى تشويه صورة الإسلام والمسلمين، وأدى إلى فض هذا التشابك الفكري تدخل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي أصدر أمرا بقصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء فقط للحد من الاجتهادات المخالفة لتعليمات الشريعة الإسلامية، وهو قرار بلا شك جاء للمصلحة العامة وإعادة زمام إصدار الفتاوى لجهة توحد الجميع تحت رايتها بعيدا عن أيدلوجيات وأفكار لا تخدم وحدة المسلمين بل أنها تزيد من تفرقهم وتشرذمهم، وخلاصة القول نشكر خادم الحرمين على سعيه الدائم لتبني الفكر الإصلاحي وخدمته وحدة الصف الإسلامي.
[email protected]