لا يخفى على العديد من القراء عملية تقلص نفوذ التيار الديني مؤخرا بعد أن استنزف الكثير من أوراقه السياسية وتحديدا في الآونة الأخيرة، ليبدو حاضرا باسمه فقط في واقع الأمر ولكنه غائب عن القرار، ليدخل مرحلة العجز وفقدان السيطرة على توجهات الرأي العام ولتنحسر شعبيته مقابل التكتلات المستقلة التي أخذت زمام المبادرة وتستغل أفول التيار الديني لتملأ هذا الفراغ السياسي بشكل يوائم المزاج الشعبي ولتؤول الأمور بعد ذلك لمصلحة المستقلين بشكل بارز، ولم يكن ليتحقق هذا الأمر لولا الفشل الذي صاحب التيار السياسي الديني خلال الفترات الماضية.
وكلي يقين بأن هذه القراءة لن تعجب مريدي هذا الجانب، ولكن هذه هي الحقيقة التي لا يقبلها الآخرون وان كانت مبرراتهم غير منطقية، ولو استعنا بشريط الذكريات لأبرز الأحداث التي غيرت مجرى تهاوي الفكر الديني وتحطم قواعده السياسية في مشهد غلبت عليه مبادئ المصالح فسنجد أنها تجلت مع استجواب د.عادل الصبيح الذي طوعت له قواعده جميع الوسائل المشروعة وغير المشروعة في سبيل عدم طرح الثقة فيه عندما كان وزيرا للنفط والإسكان، والحالة الأخرى أتت في مشهد الانقسام الأخير للتيار السلفي والعذر القبيح في الاستعانة بالفتوى في غاية محددة الأمر، ما ساهم في اتساع الهوة ان لم تكن هذه المسألة ضريبتها كبيرة وصعب تسديدها مستقبلا، وفي رؤية خالصة غير منحازة كانت هذه الإشارة دعوة صادقة لعودة ميزان القوى من جديد للمشهد السياسي والمعرفة هي ضالة المؤمن.
[email protected]