طلال الهيفي
تذكر المصادر التاريخية ان نور العلم أشرق من قارة أوروبا الحديثة بعد ان أهمله العرب واهتم به الغرب لينهموا من الإرث الإنساني وليفسحوا المجال لجيل مختلف من النوابغ كل في صومعته وليهيئوا من بعد ذلك البشرية نحو المعرفة والحرية ومحاربة الجهل والظلم الذي عطل العقول تحت ذريعة من جهل شيئا عاداه مما كان له الأثر لانطلاق الشرارة الأولى لهذا التحول الذي كان مع بداية الثورة الفرنسية على الملكية ولتصل بعد ذلك الأحداث الى فصل الدين عن الدولة لتتغير المفاهيم ونمط الحياة العالمي ولتتطور إلي ما نحن عليه من طفرة حياتية في مختلف الميادين.
واليوم تطل علينا مبادرة شبيهة بذلك العصر الغابر عصر الجهل والعتمة بوثيقة لا تنتمي لهذا الزمان ولا المكان تفرض في مضمونها قيودا جديدة على العاملين في المجال الصحافي وأبطالها هم مجموعة من اعضاء مجلس الوزراء الذين كانوا يوما من الأيام في نفس هذا المجال والداعمين له واليوم باتوا من اشد المنادين بكسر هذه الأقلام بعد إن صارت هذه الكتابات تؤرق مقاعدهم وتؤثر في مصالحهم الشخصية.. لذا اضطروا لصنع مبادرة سلطوية لطمس الحرية ولجم الأقلام عن ممارسة دورها الحقيقي وتفريغ هذا الجسم المهني من هذه الكوادر الوطنية لتصبح من بعد ذلك مجردة من كل شيء وتبقى وسيلة دعائية لأهدافهم وأهوائهم الشخصية المتنفذة.
وهذه الوثيقة السيئة تذكرنا بالإجراءات التعسفية في منتصف التسعينات على يد وزير الإعلام آنذاك للتأثير على احد الكتاب وكيف تجاهلت الحكومة هذا القرار بسرعة كسرعة تنفيذه بعد أن حققت مأربها.. فما أشبه اليوم بالأمس فهذا السيناريو المحفوظ مسبق في درج نفس المستشار الذي يقدمه عند كل اختلاف وتأزم ما بين السلطة التنفيذية والسلطة الرابعة واقصد بها الصحافة.. إنما ينم عن جهل وضحالة هذا العقل الذي مازال أسير الماضي لا يستطيع أن ينظر إلي ابعد من انفه وكيف أصبح الواقع اليوم من تطور بالأدوات والوسائل في ظل الطفرة المعلوماتية والتقنية التي أفسحت المجال للتعبير في رحاب أوسع من بلاط الصحافة، لذلك ينبغي لأصحاب هذه الوثيقة المشبوهة بعد أن عجزت إدارة الفتوى والتشريع عن التوصل الى قانون يمنع الكتاب من مزاولة مهنتهم بسبب كفالة الدستور الكويتي لحرية التعبير ومنع اعاقته.
وآخرا وليس أخيرا.. اسر لي مجموعة من الزملاء والكتاب عن نيتهم تنظيم مسيرة تنطلق من جمعية الصحفيين لتصل الى مجلس الأمة كتعبير رافض لمثل هذه القوانين الجائرة.. فمن سعى لتوريط الحكومة بهذا القرار يسعى لتدمير سنوات من الإشادة والمفاخرة المهنية في الكويت لما وصلت إليه من مراكز متصدرة بين اقرانها من الدول العربية وبشهادة المؤسسات المتخصصة في هذا المجال.. لذا من هذا المنبر أناشد من يملك القرار بوأد هذا القرار القراقوشي وطوي صفحته للأبد لان الوضع لا يحتاج لمثل هذا العبث.