يحكى أن بقرة أدخلت رأسها في السطل فذهب الأهالي لحكيم القرية ليجد حلا دون أن يتلف السطل، فأطرق الحكيم مليا واستشار أحد المستشارين الفلتة وجاء قراره بأن يقطعوا رأس البقرة!
فنفذ أهل القرية القرار فقطعوا رأس البقرة ولكن لم يخرج السطل من رأس المرحومة! فقال الحكيم ما باليد حيله اكسروا السطل. ففقدت القرية بقرتها وسطلها!
تذكرت هذه القصة اللطيفة وأنا أشاهد وأتابع قرار مجلس الوزراء بخصوص العاملين في القطاع الخاص الذين كانت تشجعهم لهذا التوجه بهدف التخفيف عن كاهل الدولة، وكانت تطرب مسامعنا بشعارات رنانة أطلقتها قبل فترة مثل «هده خله يتحدى»، «أنا قد التحدي»، «اللي يتحدى ما نهده».
نسمع شعارات الحكومة فتعجبنا، إلا أننا «نشوف» أفعالها ونتعجب لأنها فعلت كما فعل الحكيم ومستشاره الفلتة!
بعد تلك الشعارات والعناوين البراقة نجد حكومتنا تارة تفرض إذن العمل على المواطن الكويتي ثم تقوم بزيادة رسوم إذن العمل من دينارين حتى 50 دينارا.
وتارة أخرى تقرر دمج برنامج إعادة الهيكلة بهيئة القوى العاملة.
ومؤخرا قرار عدم صرف دعم العمالة عن مواطنين في القطاع الخاص بأثر رجعي، وهذا هو موضوع مقالي لهذا اليوم.
الحكومة تعيش في أزمة قرار، وسوء إدارة، ففي الوقت الذي تعاني فيه الأجهزة الحكومية من تكدس الموظفين والبطالة المقنعة وتضخم الباب الأول في الميزانية العامة، وتعاني أيضا من زيادة أعداد البطالة الحقيقية والتي تقدر بأكثر من 15 ألف مواطن.
كان هناك أحد أهم الحلول لهذه المعضلات، وهو توجيه الشباب للعمل بالقطاع الخاص، إلا أننا وفي نفس الوقت نجد أن قرارات الحكومة الأخيرة تعاكس اهم حلولها، فهي تسعى لتطفيش الشباب من القطاع الخاص، بدلا من أن تعاملهم كما المثل الكويتي «يا دهينه لا تنكتين».
إن كان الهدف من اتخاذ مثل هذه القرارات «الترشيد» في الميزانية، حل أزمة تضخم الميزانية، فمن غير المعقول أن يكون من جيب المواطن ومن غير الحكمة أن تحلوا أزمة وتخلقوا أزمة أخرى أكبر منها.
من المتوقع بل المؤكد بعد سلسلة قراراتكم أن يهجر الكويتيون القطاع الخاص ويعود للقطاع الحكومي فتصبح حكومتنا أمام أزمة أكبر.
وما ستوفرونه من دعم العمالة بأثر رجعي، ستدفعونه من خزينة الدولة ومن بابها الأول، برواتب حكومية متضخمة بعد سلسلة القرارات التي تؤدي إلى جباية الأموال من المواطنين في القطاع الخاص.
يا سادة، المواطن اليوم يستغرق 3 أسابيع على الأقل «وبالواسطة» حتى ينتهي من إجراءات «التسجيل بالتأمينات - استخراج إذن عمل - والتسجيل بدعم العمالة»، وخلال هذه الفترة بقراركم الأخير لن يدفع له دعم العمالة بالأثر الرجعي.
ناهيك عن المواطن الذي قد يستقيل من الوظيفة الحكومية وينتقل للعمل بالقطاع الخاص، فيجب أن تنهي الحكومة إجراءات الاستقالة والتي تستغرق أسبوعين على الأقل ثم إلغاؤه من التأمينات أسبوعا ثالثا، وتسجيله في التأمينات بالشركة الجديدة أسبوعين ومن ثم استخراج إذن العمل والتسجيل في دعم العمالة، مما يعني ان المواطن عليه أن ينسى دعم العمالة لمدة شهرين على اقل تقدير.
بمعنى أن المواطن عليه تحمل مسؤولية البيروقراطية الحكومية في إنهاء الإجراءات والتي تستغرق شهورا، حتى يحصل على دعم العمالة.
فهل هذا معقول؟ وهل هذا مقبول؟!
ندرك أهمية الترشيد من الميزانية، ولكن أن يتم توفير دعم العمالة بسبب الفشل الإداري الذي تعيشه الدولة، فهذا سيؤدي إلى هجرة عكسية من القطاع الخاص إلى القطاع الحكومي وهو ما يتعارض مع استراتيجية الدولة بتشجيع المواطن للعمل في القطاع الخاص.
همسة: لكل قرار نتائج وآثار.. وآثار ونتائج هذا القرار واضحة ولا بد من التراجع عنه فورا وبلا تأخير أو تأجيل.
Al-Derbass@
[email protected]