هل فكرت يوما ماذا سيحدث لو أن إنسانا ما أراد الفرار من الموت فبنى برجا محصنا لا يدخله إلا الهواء النقي، ثم أتى بطعام صحي، وبمجموعة من الأطباء من جميع التخصصات تراقب كل حركاته وسكناته هل يموت؟ والإجابة عن هذا السؤال بالطبع. نعم.
إن الإنسان مهما أوتي من قوة، ومهما أوتي من علم، ومهما تحصن في قلاع مشيدة، وبروج محصنة، فسوف يأتيه الموت عاجلا أم آجلا يقول تعالى: (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا) (النساء 78).
فالأمر محسوم والأجل مكتوب في اللوح المحفوظ، وعلميا وبعد أبحاث طويلة للعلماء توصلوا إلى أن برنامج موت الخلية يخلق مع الخلية ذاتها، أي أن الموت والحياة مخلوقان سويا، ولولا الموت ما كانت هناك حياة، فالبرنامج الخاص بحياة الخلية مهم، وكذلك ذلك الخاص بموت الخلية، وذلك لأن عملية الموت التي تنظم الخلايا تمكن الجسم من التخلص من الخلايا المصابة بعطل ما، وهكذا يسير برنامج الموت مع الحياة جنبا إلى جنب. وبذلك نستطيع أن نقول: إنه لا يمكن لأي إنسان أو كائن حي يدب فوق الأرض أن ينجو من الموت، لأنه ببساطة الموت يولد من رحم الحياة يقول تعالى: (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور) (الملك: 22)، فيؤكد المولى عز وجل في هذه الآية أن الموت والحياة كلاهما مخلوق وموجود، وتعتبر هذه الآية سبقا طبيا وعلميا كبيرا، حيث إنها أخبرت بموضوع تلازم الموت والحياة قبل أن يكتشف العلماء ذلك بمئات السنين فسبحان الله!
والذي يجعلك أكثر عجبا وذهولا هو عندما تعرف أن هذا الموت المبرمج للخلايا هو شيء أساسي في حماية الجسم وتكوين مناعة قوية، بل، لولا وجود برنامج موت الخلايا لما استطاع الجسم مقاومة الأمراض، فهو المسؤول الأول عن الدفاعات في الجسم البشري عند مواجهة مرض ما، حيث يتخلص من الخلايا المعطلة والتي لو استمرت في الحياة لأدت إلى إهلاك الإنسان! كما يقوم بتنشيط الخلايا المسؤولة عن مقاومة الفيروسات والبكتريا الضارة، إذن هو لا يقل أهمية عن البرنامج الذي أودعه الله في الخلايا والمسؤول عن حياتها.. فسبحان الله القوي العزيز!