القدس الشريف هي مدينة السلام والأنبياء ومكانا مقدسا للمسلمين والمسيحيين واليهود ومهد الديانات السماوية ومنطلق الرسالات الروحية عرفت فلسطين في التاريخ القديم «بأرض كنعان» نسبة إلى قبائل الكنعانيين والتي استقرت فيها اثر إحدى الهجرات من جزيرة العرب.
والحرم القدسي الشريف له مكانة خاصة في الإسلام بوصفه أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وموقع الإسراء والمعراج عندما أسرى الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى القدس ومنها عرج إلى السماء وهي رحلة إعجازية وذلك في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب. والقدس ملتقى الحضارات الإسلامية والمسيحية واليهودية. تم فتح القدس في زمن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد حضر بشخصه الكريم لتسليم مفاتيح بيت المقدس في سنة 638م وأعطى الخليفة عمر بن الخطاب أهل القدس الأمان وصلى على الصخرة المقدسة وخط مسجده هناك. في وسط ساحة الحرم الشريف تم بناء مسجد قبة الصخرة المشرفة حيث شيد بناءها الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان فوق الصخرة التي عرج منها النبي صلى الله عليه وسلم. وفي العصر الحديث وقعت القدس تحت الاحتلال الصهيوني عام 1967 بعدما كانت دولة الصهاينة قامت عام 48 على اثر وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين التاريخية عام 1917، ومنذ ذلك الحين والمقدسيون يعانون وطأة الاحتلال والتضييق على حياتهم وشعائرهم.
لهفتي واشتياقي أن تقر عيني برؤية وزيارة الحرم القدسي الشريف مرات عديدة وبإذن الله تكون محررة من الاحتلال الإسرائيلي لأعيد ذكرياتي المفعمة بالسعادة والتفتق الذهني والفكري في بلاد السلام والأنبياء، ففي الإجازة الصيفية في سنة 1966م شددت الرحال إليها عن طريق البر مع الأهل عبر الأراضي العراقية الشاسعة والأراضي الأردنية ثم عبر غور نهر الأردن لنستقر ونسكن في فيلا في منطقة رام الله بالقرب من وادي بطن الهوى والذي يعج بالبساتين والأشجار المثمرة وشعورنا بالغبطة والحبور حينما نقطف الثمار كالتفاح والسفرجل والأنجاص والتين والزيتون والجوز واللوز وغيرها من الثمار.
ورام الله تعتبر أهم المصايف لاعتدال أجوائها المناخية. أما زيارتنا للقدس الشريف فكان لها أثر في نفوسنا بآثارها التاريخية وقدسيتها والتي تعتبر من أضخم ثروات الحضارات الغابرة ومآثر التاريخ وتمتاز بمنائرها ومآذنها الكثيرة ومساحة مدينة القدس كيلومتر مربع واحد تقريبا، ويتمتع هذا المكان بحضور ديني كثيف تشمل قوته الروحية العالم كله. وهي عبارة عن مربع شبه منتظم نتيجة أضلاعه نحو جهات الأرض الأربع محاطة بأسوار ارتفاعها ما بين اثنى عشر وخمسة عشر مترا لهذا الأسوار عدة أبواب منها باب العامود عليه نقوشات تعلوه منافذ بارزة وشرفات مسقوفة فيها فتحات، والقدس مكان مقدس للمسلمين والمسيحيين واليهود، شوارع مدينة القدس وأسواقها ضيقة ومتعرجة وسقوفها معقودة من الحجارة وتكثر فيها الأقبية وهي مظلمة حتى في وضح النهار وهي باردة في الصيف ودافئة في الشتاء تكثر بالأسواق دكاكين خاصة بالحرف اليدوية دكاكين لبيع زيت الزيتون والقطانين ودكاكين بيع النحاس والدباغة وغير ذلك. ومما لاحظناه التعايش والتسامح والتعاون والتآلف بين السكان المسلمين والسكان المسيحيين ومن أجمل ما رأيته المعالم التاريخية الإسلامية والمسيحية في رحاب بيت المقدس متجاورة وهذا يعتبر قمة التسامح والتعايش الديني. سوف تقر أعيننا بزيارة القدس الشريف المدينة المقدسة زهرة المدائن أرض السلام والأنبياء وهي عروس عروبتنا وجزء لا يتجزأ من تاريخ الإسلام وذاكرة المسلمين.
[email protected]