لا يوجد شيء في الدنيا يعادل الحرية حتى لو كانت خالية من الرفاهية، والحرية مصطلح واسع ربما يحصل البعض عليها بالكامل بينما يحرم آخرون منها بالكامل سواء كان بمحض إرادتهم أو فرضت عليهم، وأنا هنا لا أعني حجز الحرية التي تطبق على المساجين والمعتقلين والمخالفين للقوانين وإنما قصدت الحرية الفكرية كالديموقراطية والانتخابات وحرية الاختيار وإبداء الرأي التي حرم منها كثير من شعوب العالم سواء كانت من دول الشرق الأوسط أو باقي الدول النامية والمتخلفة، إذ يرى البعض أن هذه الأمور هامشية أو ثانوية وان الحياة تقوم على جوانب أخرى أكثر أهمية منها كتوفير الغذاء والدواء بمعنى أن المفاهيم تختلف عند الكثير من الناس وهذا يعتمد على الثقافات المتعددة وطبيعة الحياة في كل دولة على حدة، ولا شك أن عامل السياسة وطبيعة الأنظمة الحاكمة وحكوماتها ومدى تفاعلها مع شعوبها سواء كان بالسلب أم بالإيجاب كل هذه المعطيات مجتمعة هي من تشكل طبيعة المجتمع الراغب والمحب للحرية والذي يدافع عنها وعن مفاهيمها ومتطلباتها أو يكون غير راغب وكاره للحرية التي قصدناها بقناعته أو مجبرا عليها.
كثير من الناس في شتى أنحاء الأرض وخاصة الذين يعيشون في الدول المتقدمة والعريقة اعتادوا من الأزل على الديموقراطية والحرية ويرونها أهم من الطعام ويرفضون الرفاهية المقيدة لحريتهم وأفكارهم ومشاركتهم في اتخاذ القرارات.
أن الحرية والرفاهية كلاهما مهمتان في الحياة إذا تحققت الاثنتان بين الجميع حتى لو حدث تنافس بينهما، وكان من اجل هدف سام ومنشود لا مانع من ذلك أما أن يترك (الحبل على الغارب) والغارب هو المكان الواقع بين سنام ورقبة الجمل إذا أرادوا أن يجعلوه يسرح ويرعى بالأرض وضعوا الرباط على غاربه وان أرادوا منعه وإيقافه وضعوا الرباط على رقبته وحول عنقه ليتحكموا به بمعنى انه لا يجوز ترك الكلام على عواهنه وجعل الحرية مطلقة وغير محكمة لأنها بالنهاية ستنقلب إلى فوضى.
ولا توجد رفاهية مطلقة خالية من التخطيط فتنقلب إلى انهيار وفقر وجوع، الحرية مقصد وغاية جميلة حرم منها الكثيرون، والرفاهية أيضا ينشدها الجميع، وكثيرون يتمنون الوصول لها والعيش في محيطها ولن يصل لها الجميع بالطبع وهذه سنة الحياة، لذلك باعتقادي المتواضع أن الحرية أهم بكثير من الرفاهية لأنها تشعر الإنسان بوجوده وأهميته وقيمته وأنه لم يخلق في هذه الدنيا من أجل أن يأكل ويشرب وينام كالبهائم، أجلكم الله، وإنما خلقه الله وميزه بعقل عن غيره من الكائنات الأخرى ليفكر ويخطط ويطور، فالإنسان من غير حرية سيكون ضعيفا منكسرا وغير قادر على مواجهة الصعاب، ونحن ولله الحمد في بلدنا نمتع بالحرية والديموقراطية حتى لو كانت في بعض الأحيان تتخللها بعض الشوائب إلا إننا يجب أن نحافظ عليها ولا نتهاون أو نستمع إلى بعض الأصوات النشاز من السذج الذين يطالبون بحل مجلس الأمة أو تعطيله وذلك لقلة وعيهم وجهلهم بالدستور وأهميته.. يجب أن نبقى ننادي ونهتف دائما.. تعيش الحرية وتعيش الديموقراطية.
[email protected]