- مصادر لـ «الأنباء»: الحريري قد لا يشارك بقمة عمّان مع عون ما لم يسجل إنجازاً دستورياً
بيروت ـ عمر حبنجر
شهدت العاصمة اللبنانية خلال الأيام الأخيرة تحركات شعبية تصاعدت وتيرتها لتبلغ أوجها أمس في تظاهرة كبيرة جمعت مناصري أحزاب سياسية وحملات المجتمع المدني ومواطنين احتجاجا على مشاريع الضرائب الجديدة المطروحة في الحكومة ومجلس النواب اللبناني.
وتجمع آلاف المتظاهرين في ساحة «رياض الصلح» في وسط بيروت على مقربة من مقري البرلمان اللبناني ورئاسة الحكومة حاملين لافتات منددة بالزيادة المقترحة على الضرائب والتي اعتبروا انها تستهدف بشكل اساسي الطبقتين الوسطى والفقيرة.
وطالب المعتصمون بإقرار سلسلة الرتب والرواتب التي ترفع أجور ومكتسبات موظفي القطاع العام في الادارة والتعليم والقضاء والسلكين العسكري والامني والتي لاتزال موضع نقاش داخل الحكومة ومجلس النواب.
واعتبر حزب الكتائب الذي قاد حركة الرفض للضرائب الجديدة ان التظاهرة هي رد على اداء السلطة السياسية واستخفافها بمصالح شعبها.
في السياق، فاجأ الرئيس سعد الحريري المتظاهرين الغاضبين في ساحة رياض الصلح قبالة السراي الكبير آتيا من المختارة وترجل من السيارة وخاطب المتظاهرين عبر مكبر صغير للصوت قائلا: ادرك انكم موجوعون، ونحن وعدناكم اننا سنكون دائما الى جانبكم، وندرك ان الفساد موجود بكثافة، وسنعالج الأمور بالتعاون مع الرئيس عون، مكررا الوعد بأن تكون الحكومة الى جانب المواطنين الموجوعين.
ولم يتسنى للحريري متابعة كلمته نتيجة إلقاء قوارير المياه باتجاهه، فغادر الساحة في وقت دعا حزب الكتائب مناصريه الى إنهاء التظاهرة اليوم، لكن الآخرين اصروا على البقاء وراحوا يطلقون المفرقعات باتجاه قوى الأمن الذي طلب تعزيزات امنية اضافية وصلت الى الساحة.
الى ذلك، تحول الاحتفال بالذكرى السنوية الأربعين لاغتيال مؤسس الحزب التقدمي الاشتراكي زعيم الحركة الوطنية اللبنانية كمال جنبلاط في المختارة الى استفتاء شعبي واسع على زعامة نجله وليد جنبلاط على ابواب انتخابات تشريعية يراد لها قانونا يرى جنبلاط ان غاية واضعيه محاصرته درزيا ووطنيا.
وشكل الاحتفال، بمشاركة رئيس الحكومة سعد الحريري والقائم بالأعمال السعودي وليد البخاري والسفير الروسي الكسندر زاسبكين الى جانب ممثلي الاحزاب والكتل النيابية والحركة الوطنية، حالة تضامنية مع وليد جنبلاط الذي جيّر المناسبة لنجله البكر تيمور بنزع كوفية الزعامة الجنبلاطية عن كتفيه وألقاها على كتفي تيمور، كما وضع كوفية اخرى على كتفي نجله الثاني اصلان، وخاطب نجله تيمور بقوله: سر يا تيمور رافع الرأس واحمل تراث جدكم الكبير كمال جنبلاط، واحضن شقيقك اصلان بيمينك وشقيقتك داليا بيسارك.
وقدرت أوساط الحزب التقدمي الاشتراكي الحشد في المختارة بـ 50 ألف مواطن، اضافة الى نحو 20 ألفا تعذر وصولهم بسبب زحمة السير الى المختارة.
وتجنب جنبلاط في كلمته الدخول في التفاصيل الداخلية، مركزا على التعبئة السياسية لأهل الجبل وللحركة الوطنية.
وقال: مهما كبرت التضحيات من اجل السلم والحوار والمصالحة تبقى هذه التضحيات رخيصة أمام مغامرة العنف والدم والحرب.
وكرر جنبلاط مطلع خطابه «ادفنوا موتاكم وانهضوا»، مع كل فقرة من خطابه، وقال: منذ العام 1958 رافقتني العمامة البيضاء والحركة الوطنية.
وقال جنبلاط: منذ 40 عاما وفي 16 من آذار وقفنا في ساحة الدار وحبسنا الدمعة وكبتنا الحزن ورفعنا التحدي، وكان شعارنا «ادفنوا موتاكم وانهضوا» منذ 40 عاما وبفضل ثقتكم ومحبتكم واخلاصكم قدنا السفينة معا وسط الامواج والعواصف والتسويات والتقلبات ندفن الشهيد تلو الشهيد ونرثي الصديق تلو الصديق، منذ 40 عاما رافقتموني واحتضنتموني فاغتيل من اغتيل وغاب من غاب، لكن بقي الحزب واحدا موحدا شامخا معززا عاليا مكرما.
واضاف: لولا جيش التحرير الشعبي قوات كمال جنبلاط لما كنا اليوم وبعد 40 عاما هنا في ساحة المختارة، وعلى مدى 40 عاما محطات ناصعة البياض لا خجل منها ولا تردد سطرناها بالدم مع رفاقنا الوطنيين والاسلاميين في اسقاط السابع عشر من ايار وفي الدفاع عن عروبة لبنان، موضحا: لكن منذ 40 عاما وقع الشرخ الكبير، وقعت الجريمة الكبرى بحق الشراكة والوحدة الوطنية، وكان قدري ان احمل على كتفي عباءة ملطخة بالدم، دم المعلم كمال جنبلاط ورفيقيه ودم الابرياء الذين سقطوا في ذلك اليوم المشؤوم.
وتابع قائلا: الا انه على مدى عقود انتظرنا ساعة المصالحة وكانت مصالحة الجبل مصالحة لبنان، وبعد 40 عاما اوصيك بأنه مهما كبرت التضحيات من اجل السلم والحوار تبقى هذه التضحيات رخيصة امام مغامرة العنف والدم، لذا يا تيمور سر رافع الرأس واحمل تراث جدك الكبير كمال جنبلاط، واحمل كوفية لبنان التقدمية، كوفية المصالحة والحوار، كوفية التواضع والكرم، كوفية دار المختارة.
بعدئذ، توجه جنبلاط وضيوفه الى ضريح والده حيث وضع كل منهم وردة حمراء على الضريح الذي اقيم في باحة قصر المختارة على وقع اغنية «موطني موطني» للشاعر الفلسطيني ابراهيم طوقان وألحان الفنان اللبناني محمد فليفل.
وكانت لافتة مشاركة الرئيس سعد الحريري في الاحتفال، وذكرت مصادر لـ «الأنباء» ان الحريري يبذل المساعي لتقريب وجهات النظر بين جنبلاط والرئيس ميشال عون تمهيدا لتلاقي الرجلين على قانون انتخاب ملائم.
ولعب استقبال عون في بعبدا لشخصيات درزية معارضة لجنبلاط كوئام وهاب، دورا واضحا في ازكاء الخلاف بين بعبدا والمختارة.
وعلمت «الأنباء» ان الرئيس الحريري قد لا يرافق الرئيس عون الى قمة عمان ما لم ينجز شيئا من الاستحقاقات المطلوبة كقانون الانتخابات او الموازنة العامة، اما سلسلة الرتب والرواتب فتعد جزءا من الموازنة.
بموازاة ذلك، رئيس مجلس النواب نبيه بري اعتبر ان ثمة حملة منظمة بوجه مجلس النواب تهدف الى تطيير الانتخابات النيابية، مؤكدا ان الاولوية ستكون لقانون الانتخاب ولتعيين لجنة تحقيق برلمانية لكشف الفساد والمفسدين، ومحاكمتهم واقرار السلسلة والموازنة.