يقول معارضون سوريون ومحللون ان خطوة منح مقعد دمشق في الجامعة العربية الى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، ستبقى رمزية الى حد كبير في غياب دعم جدي لحكومة معارضة تتولى ادارة «المناطق المحررة» في سورية.
ويقول الخبير في معهد بروكينغز الدوحة شادي حميد لوكالة فرانس برس «من الطبيعي ان يحمل دخول المعارضة السورية الى جامعة الدول العربية اهمية رمزية وسياسية، علما انه من الصعب قياس كيف يتجلى ذلك على الارض».
ويعتبر حميد ان هذه الشرعية المكتسبة لن تغير في واقع عدم تمكن المعارضة من اسقاط نظام الرئيس بشار الاسد بعد عامين من نزاع اودى بنحو 70 الف شخص، طالما بقي ميزان القوى على حاله في غياب اي افق لحل سياسي للازمة.
ويعتبر يزيد صايغ الخبير في مركز كارنيغي للشرق الاوسط في بيروت، ان منح المقعد «قد يحمل معنى رمزيا وعاطفيا، لكنه ذو تأثير محدود ديبلوماسيا وسياسيا».
ولن يشكل المقعد العربي ضمانة لحصول المعارضة على مقعد بلادها في الامم المتحدة، في خطوة يعود القرار فيها الى الجمعية العامة للمنظمة الدولية بناء على توصية من احدى لجانها المختصة.
وتبدو هذه الخطوة اكثر صعوبة نظرا الى الانقسام الدولي حول الازمة السورية، لاسيما بين روسيا ابرز الحلفاء الدوليين للنظام السوري، والولايات المتحدة الداعمة للمعارضة.
ويأمل معارض سوري في ان يساعد اعتراف الجامعة العربية في سحب مقعد سورية في الامم المتحدة من النظام، بحسب ما قال لفرانس برس، رافضا كشف اسمه.
ويضيف ان دخول المعارضة الجامعة العربية يعني اقله ان النظام لن يعود اليها.
لكن المعارضين يعتبرون ان غياب الدعم الدولي لحكومة الائتلاف التي من المقرر تشكيلها لتتولى ادارة المناطق المحررة لاسيما في شمال سورية وشرقها، لن يكون في مقدور نيل المقعد في جامعة الدول العربية سوى معنويات المعارضة.
وكان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية انتخب في 19 مارس، غسان هيتو رئيسا لهذه الحكومة.
ويرى خبراء ان هذه الحكومة قد تساهم في ان تكون قناة لايصال المساعدات الى هذه المناطق التي باتت خارج سيطرة النظام، وربما حتى الاسلحة للمقاتلين المعارضين.
لكن خطوة انتخاب هيتو لم تحظ باجماع داخل الائتلاف.
كما ان تأليف حكومة للمعارضة لا ينال تأييد كل الدول الداعمة لها، لاسيما منها الولايات المتحدة التي تحبذ تشكيل حكومة انتقالية تنتج عن حوار بين النظام ومعارضيه.
كما ان الولايات المتحدة والدول الغربية مازالت تحجم عن تزويد المعارضين بالسلاح خوفا من وصوله الى ايدي مقاتلين اسلاميين متشددين في سورية.
وبحسب المعارض السوري فإن الحكومة في حاجة لان تكون لاعبا شرعيا على الارض (...) للقيام بهذا الامر، هي في حاجة الى تمويل ومساعدات.
ويعتبر ناشطون معارضون ان المعارضة في الخارج هي غالبا منفصلة عن الواقع على الارض، حيث يكتسب المقاتلون الاسلاميون ادوارا متعاظمة في القتال، وصولا الى توفير بعض الخدمات الاساسية لسكان المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.
وشكل منح المعارضة المقعد احد عناوين التظاهرات الاسبوعية التي خرجت بعد صلاة الجمعة في سورية.
وفي تادف بريف حلب، رفع متظاهرون لافتات كتب فيها «لا يعنينا تمثيلنا بكرسي نجلس عليه (...) وانما نريد وقف شلال الدماء في سورية».
وقال ناشط معارض في حماة (وسط) قدم نفسه باسم ابو غازي لفرانس برس عبر سكايب، ان السوريين «يحتاجون الى مساعدة حقيقة، وليس فقط انتصارات رمزية واحلاما».
واضاف «نحن في حاجة الى مساعدة انسانية ودعم عسكري للدفاع عن المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، على الاقل في وجه الغارات الجوية».
وتابع «المقعد مهم لانه يضفي على المعارضة شرعية، لكن هل يعني نهاية نظام الاسد؟ (...) في حال لم يثبت نفسه في المناطق المحررة، فسيفقد شرعيته بشكل كامل».