تلهو مجموعة من الاطفال على مرأى من جنود النظام السوري ومقاتلين موالين لهم بالقرب من مدفع على اطراف بلدة صدد المسيحية في وسط سورية، استخدم صباحا لقصف مواقع مسلحي تنظيم داعش الارهابي الذين باتوا على بعد كيلومترات عدة.
يتسلق الاطفال واحدا تلو الآخر دولاب شاحنة ضخم بعد تثبيته ويطلقون العنان لضحكاتهم غير آبهين بالقذائف المجاورة المعدة للاطلاق او بالخوف الذي يلف البلدة الواقعة في ريف محافظة حمص، بعد سيطرة التنظيم على بلدة مهين المجاورة مطلع الشهر الجاري.
ويقول رئيس بلدية صدد سليمان خليل لوكالة «فرانس برس»: «نزح العديد من العائلات عن البلدة، لاسيما النساء والأطفال، وبقي فيها الشباب والرجال للدفاع عنها»، موضحا ان بعض العائلات «توجهت إلى القرى المسيحية في ريف حمص الشرقي مثل فيروزة وزيدل، وبعضها الاخر إلى دمشق».
وكان نحو 12 الف شخص ينتمون الى طائفتي السريان الارثوذكس والسريان الكاثوليك يقطنون في هذه البلدة التي يعتز سكانها ان اسمها ورد في كتاب العهد القديم (التوراة). وتقع البلدة في ريف حمص الجنوبي الشرقي على بعد حوالي 18 كيلومترا عن مدينة حمص.
وشكلت البلدة في شهر اكتوبر 2013 مسرحا لمعارك بين قوات النظام والفصائل المقاتلة التي تبادلت السيطرة عليها وقتل المئات من سكانها جراء المواجهات قبل ان تتمكن قوات النظام من استعادتها. ولا تزال آثار تلك المعارك بارزة في الشوارع وجدران المنازل.
وينتشر عناصر الجيش النظامي على اطراف البلدة وفي محيطها، حيث للقوات الروسية ايضا في مواقع خاصة بها، وفق مصادر محلية.
ويتخذ العسكريون الروس من مطار يقع بين صدد ومهين مقرا لهم، ويقر مصدر عسكري سوري لوكالة «فرانس برس» ان «هناك دعما من قوات الحلفاء الروس عن طريق تواجد استشاريين على مرابض المدفعية».
وبحسب المصدر ذاته، فإن قصف مواقع تنظيم الدولة الاسلامية في بلدة مهين ومحيطها يتم «بإشراف مباشر من قبل المستشارين الروس».
ويقول احد سكان صدد بعد ان يعرض صورة التقطها الى جانب عناصر روس «رأينا الروس في البلدة والتقط عدد من الاهالي صورا تذكارية معهم».
ويخشى سكان صدد من وصول داعش الى بلدتهم وتكرار الممارسات التي ارتكبها في المناطق المسيحية التي تمكن من السيطرة عليها، على غرار قرى الخابور ذات الغالبية الآشورية في محافظة الحسكة ومدينة القريتين المجاورة.
ويقول احد السكان رافضا الكشف عن اسمه لوكالة «فرانس برس»: «نخاف من حدوث مجازر ونخاف على كنائسنا بعدما فجر المتطرفون الكنائس والاديرة في المناطق التي سيطر عليها في الرقة وسواها».
وتبعد مواقع داعش في الوقت الحالي نحو 10 كيلومترات عن بلدة صدد التي تضم 12 كنيسة بعضها اثري. وتعرض بعضها لاضرار طفيفة بحسب «فرانس برس».
ويقول حسان (22 عاما) الذي كان يعمل في دكان قبل ان يحمل السلاح مع اقتراب التهديد «نحن مهددون من داعش بصفتنا الطائفية وبصفتنا سوريين»، ويضيف بانفعال «داعش يهدد الجميع ونحن كأبناء البلدة بقينا ندافع عنها لكي لا تتكرر المآسي والمجازر التي حصلت في قرى مسيحية أخرى».
ووصل عشرات المقاتلين المسيحيين السريان الى البلدة بشكل تدريجي في الايام الاخيرة قادمين من محافظة الحسكة، وينضوي هؤلاء المقاتلون في صفوف قوات «السوتورو» وهي كلمة باللغة السريانية تعني الحماية.
وينتشر مقاتلو السوتورو البالغ عددهم نحو 250 عنصرا بالاضافة الى مقاتلين محليين داخل البلدة الى جانب مقاتلي «نسور الزوبعة» الجناح العسكري للحزب القومي السوري الاجتماعي الموالي للسلطات.