دخل بن خريم على المهدي، وكان المهدي قد عتب على بعض أهل الشام، وأراد أن يغزيهم جيشا، فقال: يا أمير المؤمنين عليك بالعفو عن الذنب، والتجاوز عن المسيء، فلأن تطيعك العرب طاعة محبة، خير لك من أن تطيعك طاعة خوف. (العقد الفريد 2/188).
هذا الذي ذكره ابن خريم قبل 10 قرون من الزمن، أصبح الآن فنا مستقلا يدرس في مادة الإدارة في جميع جامعات العالم، فلا يمكن أن ينجح المدير في إدارة إدارته ويحقق أهداف المؤسسة بإشاعة جو الكراهية والرعب والأحقاد، والشللية، بل لابد له ليصل إلى أهدافه من غرس المحبة بين أفراد المؤسسة، وبينه وبين موظفي المؤسسة.. فلأن يطيعك موظفوك طاعة محبة خير لك ولمؤسستك من طاعتك طاعة خوف.. ولا شك أن هناك فرقا كبيرا عندما يعمل العامل وهو يحب عمله ومسؤوله، أو يعمل وهو ساخط كاره للمؤسسة ومسؤوليه.
وسيتبين الفرق في إنتاجية كل من هذين العاملين.
لذلك كان أول عمل قام به الرسول صلى الله عليه وسلم عند دخوله المدينة مهاجرا بناء المسجد والتآخي بين الأنصار والمهاجرين.
وذكر الكثير من الأحاديث في فضل المحبة في الله ما جعل الصحابة يتسابقون في هذا المضمار، الذي سبب وحدتهم القلبية حتى جعلهم كالجسد الواحد، وبهؤلاء فتح الرسول صلى الله عليه وسلم، وخلفاؤه من بعده الفتوحات الكثيرة، ودانت لهم إمبراطورية فارس والروم.
وما ينطبق على المديرين والرؤساء ينطبق على الأب مع أبنائه، فطاعة الأب محبة له أفضل بكثير من طاعته خوفا وكذلك ينطبق على الزوج مع زوجته، فطاعتها له محبة له يختلف تماما عن طاعتها خوفا من تهديده بالطلاق أو الضرب.. فالحب في جميع هذه النماذج هو السر في تحقيق الأهداف ونجاح الأفراد والمؤسسات.
al-belali@ hotmail.com