الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
لا شك أن من مفاخر الكويت الاهتمام بالقرآن الكريم والتشجيع على حفظه وتلاوته وتجويده، ومن صور هذا الاهتمام الرعاية السنوية السامية من صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد ـ حفظه الله ورعاه ـ لمسابقة الكويت الكبرى لحفظ القرآن الكريم وتجويده، وتطل علينا المسابقة بعامها التاسع عشر وسجلها حافل بالإنجازات وتخريج الحفظة المتقنين لكتاب الله تعالى، والتشجيع على العناية بالقرآن الكريم ومراجعته، والتنافس الشريف في هذا الميدان بين أبناء هذا البلد الطيب، امتثالا لقول الله تعالى: (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون).
وإن أول هدف من أهداف هذه المسابقة: «تشجيع المواطنين باختلاف أعمارهم على الإقبال على كتاب الله تعالى تلاوة وحفظا وتجويدا وتدبرا، وإيجاد جو تنافسي مشجع على حفظه وتلاوته وتجويده، وتقديمهم نماذج طيبة للاقتداء والتأسي بهم».
وهو هدف جميل سام، ولكن للأسف الإخوة القائمين على المسابقة هذه السنة خالفوا هذا الشرط من حيث لا يعلمون، فقد اشترطوا على جميع الجهات المشاركة في المسابقة ترشيح 5 متسابقين لشريحة 5 أجزاء من المسابقة العامة بغض النظر عن عدد المتقدمين للجهة، مما حدا ببعض الجهات المشاركة الى عمل قرعة بين المتقدمين بعد اجتيازهم التصفيات الأولية بدرجة عالية من الاتقان لإلزام المسابقة لهم بترشيح 5 فقط، والجهات التي سجل فيها أقل من 5 يرشحون مباشرة بغض النظر عن مستوى إتقانهم! وهذا ليس من العدل ويحطم روح المنافسة عند كثير من الحريصين المتقنين الذين أخرجتهم القرعة، بل قالت لي إحدى المتقدمات المتقنات: إنها لن تشارك مرة أخرى، لأنها ستتعب وتتفرغ للمراجعة وتذهب للتصفيات على حساب بيتها وأبنائها ثم سيكون مصير مشاركتها في المسابقة من عدمه للقرعة!
وكم سمعت عن دمعات سقطت من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته بسبب خروجهم عن طريق القرعة فقط! ناهيكم عن إحباط المتسابقين وشكاوى الأسر!
أي تشجيع للمواطنين بالاحتكام للقرعة؟ ما الذي يضر المسابقة إن كثر عدد المتنافسين المجيدين للقرآن وتجويده؟ أليس هذا هو الهدف الأسمى من المسابقة؟
هذا الأمر بدأ يثير تساؤلا في ذهني: هل القصد إقامة مسابقة تشجع المواطنين على الإقبال على كتاب الله حفظا ومراجعة أم القصد الآن إقامة مسابقة لذات المسابقة فقط بغض النظر عن موضوع التشجيع؟!
بالإمكان اشتراط درجة عالية لاجتياز التصفيات الأولية 85% مثلا، كل من يحصل عليها فأعلى يرشح للمسابقة، وكثرة أعداد المجيدين للقرآن الكريم مكسب للمسابقة.
أرجو من القائمين على المسابقة إلغاء هذا الأمر وفتح باب المنافسة للمتقنين وجبر خواطرهم بإلحاقهم بالمسابقة هذه السنة، وأناشد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية تدارك الموقف وإعادة بوصلة المسابقة لسابق عهدها لتظل المسابقة رافدا من روافد التشجيع على حفظ القرآن الكريم وإتقان تجويده.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
dr_aljarman@