توصل العلم الحديث إلى انفراجين هما الأهم بعد اكتشاف الخريطة الجينية ويخصان علم وجراحة زراعة الأعضاء وعلوم تشخيص وعلاج الأورام السرطانية.
حتى اللحظة يعاني المرضى وأطباؤهم من ندرة الأعضاء المتبرع بها للزراعة، إذ لا تزيد أعداد الكلى المتاحة للزراعة حاليا على 10% من الاحتياج السنوي وتمثل زراعة الكلى 70% من إجمالي عمليات زراعة الأعضاء، يضاف لهذه المعاناة تأخير صدور القرار بمنحها للمريض وهو أمر يخضع لضوابط السجل الدولي المعقدة.
ليس بعد الآن، يقول الأطباء في جامعة نورث كارولينا الأميركية فلا لائحة انتظار طويلة ولا خوف من رفض الجسم للعضو الجديد، جاء هذا الانفراج المعجزة مع تطوير الآلات ثلاثية الأبعاد الناسخة للأعضاء البشرية، والتي تلقم بخلايا مأخوذة من جسم المريض ومعدة لهذا الغرض، كما تلقم الناسخة الاعتيادية بالورق، ثم يوجه جهاز الأشعة بها لتقوم بتصوير ثلاثي الأبعاد للعضو المطلوب، ومن ثم نسخه، ويستغرق نسخ الكلية البشرية الواحدة سبع ساعات فقط والناتج عبارة عن كلية بشرية طبيعية تماما ومتوافقه مع جسم المريض وجاهزة للزرع فيه والقيام بدورها الحيوي.
وقد أجيز استخدام هذه التقنية في أميركا منذ العام 2011 وطبقت بنجاح غير مسبوق على الإنسان، ويقول الأطباء إنهم قريبا جدا سيعلنون عن إجازة استخدام البنكرياس والكبد والمخ المستنسخين بنفس التقنية.
الانفراج المعجزة الثاني هو في مجالي تشخيص وعلاج السرطان باستخدام البكتريا الموجهة كيميائيا والمقصود البكتريا التي تعيش على جسم الإنسان وداخله إذ توصل العلماء إلى تقنية جديدة تحفز أنواعا محددة منها للتحرك باتجاه أي ورم سرطاني مهما صغر حجمه ـ حتى ما لا تظهره الأشعات الحديثة، فتتجمع حوله وتبدأ بإصدار نور وهاج عبر مجموعة عمليات كيميائية داخلها والضوء بدوره يسهل التعرف على الورم السرطاني في مراحله الأولى وتحديد موقعة بدقة متناهية، ولا تتوقف إمكانات هذه التقنية عند التشخيص فقط إذ يمكن للطبيب وعبر تنبيهات خاصة للبكتيريا ـ هي بمنزلة الحديث معها ـ إلزامها بإفراز مواد كيميائية تحلل الخلايا السرطانية فتموت ويصغر حجمها وبهذا يتم القضاء على البؤرة السرطانية الرئيسية ومتابعة الخلايا السرطانية في حال انتشارها والقضاء عليها، في الوقت الذي لاتزال الطرق التقليدية لعلاج حالة انتشار الخلايا السرطانية محدودة الأثر جدا.
سألني أحد الأصدقاء عما إذا كنا في الكويت سنتمكن يوما ما من تقديم شيء مماثل للبشرية؟ اعتقد جازما أننا قادرون على ذلك بتطوير التعليم وبتوجيه مخرجاته لخدمة أهداف مختارة وإنشاء مراكز ومختبرات للبحث العلمي عالية التقنية وتخصيص ما لا يقل عن 4% من ميزانية الدولة للبحث العلمي وحتي لا نعيد اختراع العجلة علينا الاستفادة من تجربة اليابان وسنغافورة في القرن الماضي والتجربة الفنلندية وهي الأحدث لتطوير التعليم فانطلاقة الإبداع تبدأ من هنا.
٭ القراء الكرام، لأي معلومات إضافية يرجى توجيه أسئلتكم عبر الإيميل.
[email protected]