علي الدقباسي
زيارة واحدة لمواقع النت، تذهلك! وايضا «تقرفك» وهو مثل كل الوسائل التي يساء استخدامها.
تذهلك نتيجة للتقدم السريع في التقنية، وفي سهولة الحصول على أي معلومة ومن أي مكان في العالم، وبكل اللغات وبسرعة قياسية، وفي سهولة الاستخدام - للعارفين والمهرة - وفي تلقي بريدك الخاص والتواصل مع من تشاء صوتا وصورة وكتابة، ولست هنا لاشرح مزاياه، ففي هذا المقام كتب كثيرة وبالتفاصيل.
تقرفك بسبب انصراف نسبة كبيرة من رواده للهو البريء، وغير البريء، وللحديث به من اجل اضاعة الوقت، تصور من اجل اضاعة الوقت ولزيارة مواقع عديمة الجدوى، الا من سحب دنانيرك، فضلا عن وقتك، وايضا لسنا هنا للحديث المعروف سلفا بغرف استخدام الانسان للوسائل بشكل سلبي، وقد كتب في ذلك الكثيرون، واحسب انهم اشاروا بشكل جيد لهذا «القرف»!
هنا اود لو تبنى المسؤولون فكرة تعميم استخدام التكنولوجيا في كل المدارس وبشكل مرحلي، كل مرحلة لها طبيعة تعليم للوصول الى مجتمع يعرف لغة العالم الحديث، ويتعامل معها ولا ابالغ ان قلت ان عندنا امية تكنولوجية، وانا واحد من هؤلاء الاميين بالنت، اللهم إلا ابسط قواعده وباللغة العربية وبمساعدة اصدقاء، ولا اخجل من هذا التصريح لانه الحقيقة، فقد جاء النت للعالم بعد ان بلغت الخامسة والعشرين من العمر وهي سن يصعب التعلم بها نتيجة للانغماس في العمل والانشطة الاخرى، والمسؤوليات العائلية، ناهيك عن ان التعليم في الكبر كما يقال كالنقش على البحر، وينسى بسرعة، وبالتالي فاتتني متعة التجول بين المكتبات التي اتمتع بزيارتها في كل بلد ازوره، وكل سوق امر به، كما ان عدم المامي بالانجليزية - لغة العالم الحديث - لها دور كبير في تأخر معرفتي ومتعتي، واليوم اشعر بالذنب لانغلاقي غير المقصود واكون اخر من يعلم باخبار الكتب والاخبار العالمية بسبب سماعي لها بعد الترجمة، وان فقدت الاخيرة فلا اعلم اساسا واكون كالأطرش في الزفة!
اقول ان من مصلحتنا كدولة ومجتمع ان نمحو امية التكنولوجيا بالتعليم المبكر لها، وساقوم بجهدي في هذا المجال، ولكن المسؤولية على التربويين اكبر، وعلى المتخصصين في شؤون التعليم المسؤولية مضاعفة لعالم جديد راح فيه اسلوب - الطبشور - كما راح فيه من قبل دروس - الكتاتيب والمطوع والملا - فكل مرحلة لها ادواتها ووسائلها ورجالها ونساؤها واحتياجاتها واظن ان المرحلة المقبلة هي مرحلة التكنولوجيا المعقدة والمبسطة في آن واحد، ومن لا يعرف سيتأخر، وربما لا يصل الى اهدافه ويكون عرضة للتعب على نفسه والآخرين، لذا كلما اسرعنا استفدنا، وكلما تخلفنا خسرنا.
«امحوا أمية التكنولوجيا!»