من أخلاق المسلم العدل والانصاف بين الناس، وهذا يقتضي حين الاستماع لشكوى أو رواية أحد، مراعاة الموضوعية بضرورة الوقوف على حجة الطرف الآخر، وتفهمها فهما جيدا ليتسنى له معرفة الحقيقة ومؤازرتها، ويلاحظ في مجتمعنا الخروج عن هذا النهج، فكثيرا ما يأتي أحدهم ليفضي الى اصدقائه أو أقاربه بخلاف مع طرف آخر ويذهب في سرد القصص والروايات دون ان يظهر الجانب الحقيقي للخلاف والأنكى ان المستمع يتعاطف معه ويؤيده ويذهب في ذم وقدح الطرف الآخر دون ان يستمع اليه لمعرفة حججه ودفاعه ووجهة نظره حول موضوع الخلاف، فقد يكون الحق بجانبه قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)، ويروى انه في عهد الخليفة عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه )، ان أحدهم أتى اليه يحمل في كفه احدى عينيه ويقول انه حدث خلاف بينه وبين آخر ففقع عينه وكان هناك صحابة حول عمر بن الخطاب، فقالوا العين بالعين، فقال عمر انتظروا لنرى ما عند الآخر وحينما تم استدعاؤه اذا بعينيه الاثنتين قد فقعتا، والشاهد هنا هو ان البعض، يتسرع في الحكم ومجاراة طرف على حساب الآخر دون ان يعي الحقيقة ولا ادري هل السبب في ذلك هو انعدام الموضوعية في الحكم أم وجود كره للشخص الآخر والمستمع ما ان يسمع عنه شيئا سلبيا حتى يجد الفرصة السانحة لتوجيه اللوم والسب والقدح واختلاق القصص عنه.
أهيب بكل من يستمع لأي موضوع فيه خلاف بين اثنين الى ان يتوخى الحكمة ويتجنب التسرع في الحكم وان يحاول اعطاء الفرصة للطرف الآخر ان كان على صلة به لإبداء حجته حول الموضوع وان لم يكن يعرفه فلا يصدر حكما غيابيا عليه مادام لم يستمع الى وجهة نظره ودفاعه، فحتى المجرم القاتل تعطى له الفرصة ليبدي حججه ودوافعه واسباب جريمته قبل ان يصدر عليه حكم نهائي بات، فلابد من ان يتمتع الجميع بالقدرة والكفاءة واللياقة العالية التي تمكنه من الاستماع للطرف الآخر حتى يكون منصفا في حكمه ومؤازرته، وهنا تتجلى اخلاقيات المسلم التي بينها لنا دستورنا السماوي بقوله تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا).
مع الارتفاع المستمر لسعر برميل النفط وتلك الطفرة الاقتصادية التي ترافقه لتعزز الميزانية العامة وتكثر من فوائضها، بات من الضروري التفكير مليا في حسن استغلالها وان لم نفعل فسيزداد تأخرنا عن جيراننا والندم سيصيب الجيل القادم لا محالة، إذ لابد من السعي الى تطوير آليات تحقيق التنمية، مع استمرار وتيرة سياسة الاصلاح الاقتصادي، ومن احدى امنياتي التي ستتحقق بإذن الله بعد سنة أو عشرين سنة هي إنشاء شارع بحري على شكل جسر مواز لشارع الخليج من السالمية الى مؤسسة البترول او ان يستمر الى ان يلتقي بجسر جابر الاحمد مع وجـــود مداخــــل ومخارج على الطرق الأخرى المرتبطة بشارع الخليج مع الأخذ بالاعتبار مرور البواخر من وإلى ميناء الشويخ، ومادام سعر النفط غير مأمــــون مستقبلا فإذن لابــــد من التفكيــــر بدراسة هذا المشروع في هذا الوقت لوجــــود تلك الوفرة المالية، ليستمتع الجميع بمنظر البحـــر الذي توارى بسبب المشاريع من أبنية ومطاعـــم حجبت جمال التمتع برؤيته رغم طول الشريط الساحلي، هذا فضلا عن تخفيـــف الضغـــط على الشـــوارع الاخرى المتجهـــة من السالميـــة الى العاصمـــة وبالعكــس.
تتسم النفس البشرية لفئة من البشر بقدرتها على اخفاء ما في الصدور فيلاحظ في المجالس الرسمية وغير الرسمية ان الوجوه مبتسمة ويتم تبادل الاحاديث بين كل شخص ومن بجانبه، ولكن ما في القلب يخفي الحقيقة المبطنة، فمن يبتسم لك مجاملا تبتسم له ساخرا ليقينك بما يخفي قلبه تجاهك وعلمك ان ما يصدح به ليس الا ضربا من المجاملة، ومن يتحدث اليك بلطف ليستدرجك تتحدث اليه بكل حذر كي لا يصطاد زلاتك، وفي لحظة صدق مع النفس يتساءل المرء لماذا تنعدم المقدرة على المواجهة لدى أولئك الاشخاص، بحيث يجنحون نحو المجاملة والنفاق؟ أهو الخوف من الشخص المقابل، أم المصالح التي يخشى تلاشيها بإعلان ما يدور بالخلد؟ وهكذا تسير عجلة الزمان وتستمر اللقاءات والمناسبات وتبادل الاحاديث والضحكات، وناقوس القلب يقرع وحده بالحقيقة التي لا يعلمها الا الله ويستشفها المؤمن بفراسته.
ليتذكر ويشهد كل من يقرأ هذا المقال ان الحال سيعود الى ما كان عليه سواء بذات الوجوه أو حتى بالوجوه الجديدة ان لم يحسن المواطن اختياره لمن يمثله، فما كان بالامس البعيد مصدر فخر لنا ومحط انظار الكثيرين اصبح معول هدم، لذلك أوصي بضرورة بناء أسس جديدة متينة يتخذها من بيدهم القرار، ويلتزم بها الجميع فالقانون فوق الكل، وهيبة الحكومة مصونة ولا يجوز التعدي عليها، وعلى مجلس الامة ان يعي دوره جيدا ويساعد على خلق مناخ من التجانس والحوار المثمر الذي يخلص الى الانماء والاستثمار وان يحيد عن التأزيم المفتعل، فالمطلوب من الكافة التكاتــــف واحترام القانون والبعد عن المهـــاترات والتركيــــز على كل ما من شأنه ان يعود بالفائــــدة علـــى الوطـــن والمواطـــن.
رب اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا