من الواضح والمؤكد ان هجوم بعض النواب القدامى والمرشحين الجدد على معالي وزير الداخلية ليس سببه الفرعيات الممنوعة قانونا، بل معرفتهم وعلمهم المسبق برفضه لمبدأ الواسطة التي دمرت البلد بتدخلاتهم، فلن يلقوا بعد نجاحهم قبول أبي نواف لطلباتهم بنقل فلان وترقية علان وقبول زيد وإعفاء عبيد، فسياسته في محاسبة المقصرين والمخالفين وإعطاء كل ذي حق حقه ماضية ولن يتهاون مع أي تجاوز وفقا للضوابط والمعايير القانونية التي ستطبق على الجميع دون استثناء، فالهجوم اليومي والمتكرر الذي غدا شعارا يتغنى به هؤلاء ليس له ما يبرره والمراد منه اظهار البطولة الزائفة من المرشح أمام ناخبيه، والمطلوب من الجميع وخاصة كبار القبائل والعوائل ان يعلموا أبناءهم كيفية احترام القانون وإطاعته ومن يرد الخروج عنه فليفعل ذلك ببلد غير الكويت، وليفرض عضلاته ما شاء ان استطاع، والمثير للدهشة ان من يطالب باسترداد الهيبة وعدم الخروج على القانون يتذمر ويهاجم ويطلق تصريحات جوفاء تفتقد لكل معاني الكياسة واللباقة والأدب الى ان وصلت تلك التصريحات من بعض المرشحين الى درجة الابتذال وعدم احترام الذات بالدرجة الأولى علاوة على عدم احترام الآخرين، فإذا كان هذا هو حال المرشح قبل النجاح، فماذا يتوقع منه بعد نجاحه لا سمح الله.
لقد اصبحت الداخلية كالمرأة المطلقة التي تطلب من طليقها النفقة الواجبة عليه شرعا وهو يرفض متهما اياها بأشنع الأفعال دون سند، فليتنا نسارع الى اعتناق لغة العقل وترجيح مصلحة الوطن ونشد من أزر وهمة من يسعى الى تطبيق القانون لأنه يضمن بذلك تطبيق وممارسة الديموقراطية الحقة التي نبتغيها فوزير الداخلية يستحق من النواب السابقين والمرشحين الحاليين ان يرسلوا اليه باقات الورود بدلا من ان يقوموا بالتهديد والوعيد والاعتراض على قيامه بواجبه.
ان الشيخ جابر مواطن صالح تشرف بثقة صاحب السمو وكلف بمهام وزارة الداخلية ليخدم وطنه لا ليخدم العوائل والقبائل وفقا لمعايير المصلحة التي يفصلونها على مقاساتهم ومن ضمن مسؤولياته وهو على رأس هذا الجهاز الأمني المهم ان يحافظ على الأمن الداخلي منفذا القانون على الجميع، فلا داعي ولا مبرر لكل تلك الترهات غير المجدية التي لن تحقق آمالهم تحت ذريعة أنهم ممثلو الشعب، والشعب براء من بعضهم، فاستفزازاتهم التي ابتعدت عن لغة الحوار لن يقبل بها أحد - والحمد لله ان هناك المادة (54) من الدستور وإلا لما تورع هؤلاء عن الهجوم على محتواها - وعندما يتحدثون عن برنامج عمل يهم المواطنين يجب حينها ان تكون مصطلحاتهم علمية ففي مثل هذه الحالات يكون من المفيد ان تكون هناك انتقادات بناءة هادفة تستند على أسس ومعايير واضحة ومحددة وتهدف الى الاصلاح وبشكل لا يعيق خطط الأمن والتنمية، اذ لا يجوز ان نحكم وننطلق بالحديث عن قضايا مهمة بمقاييس عمومية مجالها بعيد جدا عما نحن بصدده، ومعالي وزير الداخلية حريص كل الحرص على العمل والانجاز دون الالتفات لما يثار من بعض المغرضين خارج السرب.
وفي كل انتخابات نردد جميعا ان المواطن اصبح لديه وعي كامل ولديه القدرة على اختيار الشخص المناسب وتذهب انتخابات وتأتي أخرى ولا نشعر بهذا الوعي للأسف، فإلى متى ونحن ننتظر ونأمل في نواب على قدر من المسؤولية يتحلون بصفات الأدب والأخلاق، علما بأن تلك الصفات لا تتعارض مع المساءلة والاستجواب ان كان في محله وتوافرت دواعيه المهم ان يكونوا أشخاصا يعملون لمصلحة بلدهم بالدرجة الأولى ونأمل من الجميع ان يسعوا ويحرصوا ويضعوا نصب أعينهم مصلحة الكويت، ويكفينا ما سبق من سجالات عقيمة اثرت سلبا على الوطن والمواطنين فلنحتكم الى لغة العقل، ولنحد من هذا الهجوم واللغو غير المبررين، ولنشد على يد أبي نواف ليمضي قدما في مسيرة الإصلاح ليتحقق لوطننا الأمن والأمان.
عندما يفكر المرء بعمل وكالة عامة لآخر يسعى الى البحث والتدقيق والتمحيص لاختيار الشخص المناسب، الذي تتوافر فيه صفات عديدة من مخافة الله والضمير الحي والوعي والتدبر والحرص ونراجع أنفسنا ألف مرة قبل التوقيع، وهذا الحال والواقع ينطبق عزيزي الناخب ويتم انزاله على واقعة اختيارك لمرشحك فحينما تمنحه صوتك كما لو كنت تهبه وكالة عامة عنك فعند تسلمه هذا الصك سيتحدث ويطالب باسمك لمدة أربع سنوات غير قابلة للإلغاء أو السحب فكن عزيزي المواطن دقيقا في اختيارك يوم 17 الجاري لأنك تمنح مرشحك وكالة عامة عنك، فلا تكن سببا في احراج وطنك ووقف تنميته، فالمسؤولية الأولى تقع عليك لأن صوتك أمانة فاحفظها لإعمار الكويت لا خرابها فاتبع ضميرك ودع عنك صلة القربى والقبيلة وهب صوتك لمن يستحق، فصوتك ليس مجرد اشارة تضعها على ورقة بل هو راية ترفع بها هامة بلدك أو سيف تقطع أوصال وطنك به، لذا استحلفك بالله يا من تقرأ هذه الفقرة ان تنفذ ما بها وتبلغ محتواها لأسرتك فالكويت ليست للجميع كما يقال، بل لمن يحبها وولاؤه لها ويعمل لأجلها ويحافظ عليها، ونسأل الله التوفيق والنجاح لمن يعمل لمصلحة هذا البلد لا لمصلحته الخاصة وندعو المولى العلي القدير ان يكرمنا ويبعد السفهاء عنا، انه سميع مجيب.
رب اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا