أمينة العلي
بمناسبة مهرجان الكويت المسرحي والذي تنطلق أنشطته هذه الأيام، أكد الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدر الرفاعي على القول المعروف «اعطني مسرحا أعطك شعبا» وأكدت مديرة إدارة المسرح كاملة العياد إن إقامة مثل هذه المهرجانات تبث الحماس بين الشباب المسرحي مما ينعكس إيجابا على الحركة المسرحية والفنية في الكويت.
وأكد أيضا وزير الإعلام عبدالله المحيلبي ان وضع المسرح لا يرتقي إلى طموح الوزارة وان المسرح قد فقد دوره وذلك بعد أن أتيح المجال أكثر للمسارح الهزلية والرخيصة، ووعد بمتابعة دور المسرح الوطني الذي كان له أثر في إعلاء سمعة الكويت، وهنا أقول أن المسرح هو في العقود الماضية أبوالفنون وهو المرايا التي تعكس حياة المجتمع الذي نشأ فيه ويكون لسان حاله وقد مر بمراحل كثيرة ومتعددة على مدى العصور بداية من المسرح الفرعوني ثم اليوناني والروماني إلى آخره، والمدارس المسرحية المعروفة، وقد خلد المسرح العديد من البشر وسطر أسماءهم بأحرف من النور وذلك لصدقهم في تعاملهم معه سواء من ناحية الكتابة أو الإخراج أو التمثيل أو الديكور والموسيقى، وهؤلاء فهموا تماما ماهية المسرح ودوره الكبير في توعية وتثقيف المجتمع.
وسواء كان المسرح قطاعا خاصا أو قطاعا عاما، إلا أن الرسالة التي نشأ من أجلها هي واحدة لا تتغير وقد استطاع القطاعان (العام والخاص) تقديم أعمال خالدة وذلك لصدقها في طرح قضايا المجتمع بكل أمانة.
ومع ذلك فهناك أعمال ذهبت أدراج الرياح لأنها لم تؤسس الأساس الصحيح الذي يمكن لها الاستمرارية في الذاكرة وهنا تكمن القضية والتي غابت عن أذهان المسؤولين عن الحركة المسرحية في الكويت وهي «مسرح أو لا مسرح» فنحن نرى في الآونة الأخيرة الكثير من العروض المسرحية التي لا تمت للمسرح بأي صلة سوى إنها تمثل على خشبة وترتكز على الإضحاك بأي وسيلة، وكثيرا ما تلجأ إلى الإسفاف والتفوه بألفاظ خارجة عن الآداب العامة، الغرض منها إثارة الغرائز لدى الجمهور وضمان لافتة «كومبليه» أي كامل العدد وعيون أصحاب هذه العروض على جيب المشاهد فقط مع البعد كل البعد عن رسالة المسرح التي تجمع بين المتعة والفكر، وإذا سألتهم عن أعمالهم يقولون لك «الجمهور عايز كده» وإذا سألت الجمهور يقول لك «هذا هو المتاح أمامنا الآن».
في المهرجانات السابقة رأينا العروض التي قدمت سواء بالمهرجانات المحلية أو الخليجية، وللحق بعضها أنقذه الديكور والإضاءة وماعدا ذلك فلا ينتمي إلى عالم المسرح لما يحويه من جمل فقيرة فكريا وفنيا تتعامل معنا كما لو كنا أطفالا.
وإن حاولوا إثراء النص ملأوه بمشاكل اجتماعية نعاني منها، يقدمونها حشوا وبعيدا عن إرساء الواقع وطرحه بشكل أدبي فني يخدم أفكارنا ويطورها.
يؤسفني أن أقول لأرباب المسرح عندنا أننا نشاهد عروضا عالمية وعربية فيها مواصفات المسرح بمختلف صوره ولم يعد مسموحا بعد هذا التواصل الإعلامي الخطير والذي أردنا من ورائه فقط رفع اسم الكويت عاليا أن نشاهد عروضا تضحك علينا أننا نبكي على مستوى الفن عندنا ونبكي بسببها على حالة المسرح المتدنية، وهنا أسأل: أيعقل أن يقدم عمل مسرحي يغيب عنه الإخراج، وأداء الممثلين فيه مرتجل لا علاقة له بالدور، حتى من أخذ الجائزة لم يؤد دوره كما يجب، فهناك العديد من الجوائز التي يرغبون في توزيعها، للحق أقول انه لم يكن هناك عمل مسرحي متكامل، فمثلا إحدى المسرحيات أخذت جائزة الديكور وماعدا ذلك كان مجاملة.
وهنا أتساءل لماذا تحاصر المجاملات كل مهرجاناتنا وهل صحيح اننا نقصد المبدعين؟ وإذا كان لدينا مبدعون فلماذا يجامل بعضنا بعضا في مهرجانات التشكيل والتلفزيون والآداب والشعر والقصة وضالتنا المسرح.
رغم تجربة الكويت العريقة في المسرح، إلا أن إقامة مثل هذه المهرجانات المسرحية كشفت لنا عن اللامسرح في الكويت، وكل ماهو حاصل كان ارتجالا ومواقف فنية ممسرحة بشيء من خجل المسرح وهذا ينطبق على العروض الخليجية أكثر من المحلية وهذا يجعلنا نسأل المختصين في الدولة لماذا لا تهتمون بالمسرح وتعطونه الأولوية؟
نأمل من وزير الإعلام عبدالله المحيلبي والأستاذ بدر الرفاعي والسيدة كاملة العياد أن يوفوا بوعدهم الذي صرحوا به من أجل عودة المسرح الى وضعه الصحيح ونقول: نريد «مسرح.. أو لا مسرح».