تعيش الكويت هذه الأيام حالة احتقان سياسي وترقب وانتظار الى استجواب سمو رئيس الوزراء على خلفية ما جرى من أحداث في ديوانية د.الحربش، ولن اخوض فيما جرى هناك.
إلا أن الغريب في الأمر ان هناك تطورات غريبة وعجيبة من اقصاء الرأي الآخر فذكرني ذلك بممارسات الترهيب السياسي والفكري، فلا يعقل ان يتم ترهيب النواب من ان يصوتوا مع عدم التعاون وان لم يفعلوا فهم في خانة الخيانة، والويل والثبور لكل من يخالف وجه نظر كتلة «الا الدستور»! أيعقل ان يحدث هذا في ديموقراطية نابضة وحية مثل الديموقراطية الكويتية، اين الرأي والرأي الآخر؟ اين مفاهيم الحرية المسؤولة؟ سمعنا مفردات مقززة ودخيلة على العمل السياسي الكويتي التي لن نقبل بها بغض النظر عن الانتماء الفكري والسياسي، فلا يجوز ان تخون شخصا لأنه يختلف معك في وجهة نظر، ممارسة خطيرة للغاية من بعض ممن يمثلون الأمة.
الأمر الآخر هو تخوين بعض وسائل الإعلام الكويتية بل وصل الامر الى طردهم من الندوات، بل وصل الامر الى رمي الميكرفون على الارض بشكل مقزز. يا من يدعي الديموقراطية اين انتم من الرأي والرأي الآخر؟ اتريدون الكويت كلها برأيكم فقط؟! اذن ما الفرق بينكم وبين من يمارس الدكتاتورية والتفرد بالرأي؟! ان لم تكن معي فأنت ضدي، لا بل وصل الامر الى تصنيف من يخالفهم بالرأي بأنهم اعداء، والدعوة الى طرد كل من يخالفهم من دواوين أهل الكويت، في خروج واضح عن العادات والتقاليد الكويتية العربية الأصيلة، وخروج ايضا عن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وعن سنة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، اي انه تم الخروج عن كل المفاهيم المتعارف عليها، يا للعجب من يتشدق ويباهي بالديموقراطية هو أول من يمارس الدكتاتورية باسم الديموقراطية. تناقض واضح بين الأقوال والأفعال ومفارقة عجيبة مضحكة مبكية. يا من يعيش ويقفز ويتنفس فقط في هذه الأجواء المشحونة اتقوا الله في الكويت.
الاستجواب حق دستوري لكل نائب ولا غبار في ممارسة هذا الحق، مع تحفظنا عليه خاصة ان صاحب السمو الامير، حفظه الله، قال انا من أعطى الأوامر، في رسالة واضحة لكل من له قلب وعقل. نتمنى ان يكون الاستجواب راقيا وبعيدا عن التجريح والإساءات، والحكم للأمة ونقبل بأي نتيجة تصوت عليها الأغلبية.
كما انه يجب طي هذا الملف بعد نهاية الاستجواب وانهاء هذه المعركة السياسية، والتفرغ لقضايا الأمة الجوهرية والمرتبطة بحياتنا وحياة أجيالنا، فأهل الكويت سئموا هذه الأجواء الموبوءة، ان أتعس ما في الأمر ان نتحدث فنجد من يصغي ولكن لا نجد من يعقل الحديث وعواقب الأمور، والأسوأ ان ترى من يعي ويفهم يتمادى في سلبيات الأمور، فينطبق عليه القول في وصف بني اسرائيل «يعرفون الحق وهم له كارهون».
وتذكروا أن الدول تراقبنا وهناك من يضمر لنا الشر فلا ننشغل بالقضايا المحلية مع اهميتها، وننسى التداعيات الإقليمية والدولية ونكون كالنعامة التي تدس رأسها بالتراب كي لا ترى الخطر. في الختام استذكر دعاء كويتيا قديما يردده كبار السن في السابق لنا لم ندرك معناه الحقيقي الا في وقتنا الحالي «الله لا يشمت احد فينا بيوم».
[email protected]