كتبت كثيرا عن سوء الخدمات الطبية وغيرها من أنواع الفساد الاداري والخدمي والرشوة وغيرها من الأمور التي تعتصر القلوب حزنا، وتبكي العيون دما لما آلت إليه هذه الامور في الكويت، لكنني لم أتصور في يوم من الأيام أن تكون قلوب بعض المسؤولين كالحجارة بل أشد قسوة، لم أكن أتصور أن أشاهد في يوم من الايام معاناة مواطن كويتي بهذه الطريقة، في بلد تتفجر من تحته الأنهار من الذهب الأسود ليلا ونهارا.
صعقت كما صعق الكثير من اهل الكويت عندما شاهدنا معاناة الطفل الكويتي عثمان الظفيري في إحدى الفضائيات الكويتية، جراء خطأ طبي عند الولادة كان سببا في تحويل حياة هذا الملاك البشري الى مأساة حقيقية له ولأهله.
فعثمان لا يستطيع الحركة مطلقا، بل لا يستطيع حتى إبعاد ذبابة عن أنفه لو أراد ذلك، الصاعقة الكبرى في هذه المأساة وبعد وقوعها، هي مأساة أخرى تتمثل في رفض إرسال ابننا عثمان إلى العلاج في الخارج، فلم يترك أبو عثمان بابا الا وطرقه من العلاج بالخارج، وأعضاء مجلس الأمة، بل مناشدة خطية لسمو رئيس الوزراء، لكن ومع الأسف الشديد لم تلق جهود أبي عثمان الاذن المصغية، او القلوب الرحيمة لعلاج ابنه، لأن معاناة عثمان لا تعني لهم شيئا سوى رقم في السجلات الطبية بأنه معاق، مما اضطر والده عثمان لعرض أعضائه للبيع عن طريق إحدى الصحف اليومية، معقولة يا حكومة الكويت يحصل هذا لمواطن كويتي؟ أين الإصلاح أين التطوير؟ أين الرعاية؟ ألم يكفل الدستور هذا الحق للمواطنين في المادة (12) «تكفل الدولة المعونة للمواطنين في حالة الشيخوخة او المرض أو العجز عن العمل، كما توفر لهم خدمات التأمين الاجتماعي والمعونة الاجتماعية والرعاية الصحية».
المخزي في الامر، والأدهى والأمر، أن هناك حالات كثيرة جدا تستحق العلاج بالخارج ولم ترسل لعدم وجود شرط العلاج المبتدع ألا وهو الواسطة، بينما نرى وحسب تقرير ديوان المحاسبة تجاوزات في ملف العلاج بالخارج بإرسال ناس للراحة والاستجمام والوناسة بينما يعانى ممن يحتاج العلاج الفعلي بالزيادة بالمرض لعدم وجوده بالكويت، أين أنتم يا أعضاء مجلس الأمة من هذه المصيبة؟ أين أنتم من عثمان؟ أم أن عثمان لا يملك عددا كافيا من الأصوات؟ اين أنت يا حكومة الإصلاح والتقدم والازدهار المزعوم؟ أين أنتم أيها المسؤولون عن العلاج في الخارج من هذه المآسي؟ ألا تخافون من الله؟ ألا تخافون من دعوة المظلوم التي ليس بينها وبين الله حجاب؟
لماذا يذل المواطن بهذه الطريقة عبر مناشدات وغيرها من الأمور، لماذا يضطر المواطن الكويتي لأن يقبل الصدقات من أهل الخير من تجار وغيرهم والعلاج حق من حقوقه الدستورية؟ لا أقــول إلا حسبي الله ونعم الوكيل، ولكم الله يا من تستحــقون العلاج بالخـارج، ولك الله ياعثمان!
[email protected]