المملكة العربية السعودية، مملكة المجد والعز والخير، مملكة التوحيد والنور ومهبط الوحي، نبارك لها قيادة وحكومة وشعبا يومها الوطني في هذه الأيام.
أسس بنيانها الملك الراحل عبدالعزيز على تقوى من الله ورضوان، وواصل بنيانه حتى آخر لحظة من حياته وهو يرسم خارطة طريق المملكة العظيمة، ومن قرأ التاريخ أدرك المراحل والمحطات الخطيرة التي مرت بها المملكة، ولعل من أهمها ما بثته قناة العربية هذه الأيام في برنامجها الرائع «عبدالعزيز والقوى العظمى» وسيعرف كيف عاش عبدالعزيز هذه المرحلة مع خطورة الاوضاع وقيام الحرب العالمية الثانية والانتكاسة الاقتصادية العالمية التي زامنت هذه المرحلة، وكيف خرج عبدالعزيز من بين هذه القوى المتصارعة والمتطاحنة والساعية الى التوسع وبسط النفوذ، وكيف استطاع الملك عبدالعزيز بحكمته وذكائه ودهائه ان يبحر بدولته الى بر الأمان وتجنيبها الويلات من هذه الحرب الشرسة، بل كيف استطاع ان يقف الى جانب من يعتقد بنظرته الثاقبة انه المنتصر في الأيام القادمة وهذه فراسة رجال الدولة الذين يعرفون متى وأين وكيف يتصرفون عند هبوب العواصف والأعاصير المدمرة.
على الجانب الآخر استطاع الملك عبدالعزيز ان يفجر الكنوز التي تحت الرمال ويستخرجها من باطن الصحراء بعد ان اقنع الشركات النفطية الكبرى بأن يبحثوا عن النفط في صحراء الجزيرة، وبعد صبر وجهد ومثابرة ومرور اربع سنوات من البحث المتواصل في أراضي المملكة كانت المفاجأة والفرصة الأخيرة التي كانت لآخر محطة بحث لآبار النفط والتي خرج منها النفط منبعثا من باطن الأرض وسط فرحة كبيرة لأنها كانت الأمل الأخير، والتي أصبحت بعدها المملكة العربية السعودية دولة مهمة في العالم لأهمية الثروات التي تملكها، وأصبحت من الدول الكبرى المصدرة للنفط والتي تملك اكبر احتياطي للنفط في العالم.
كل هذا كان من توفيق الله عز وجل، ومن ثم ما كان يشغل الملك عبدالعزيز هو ان يضع دولته في مصاف الدول الغنية والمؤثرة في العالم، فانطلقت المملكة في ركب التطور والنمو في كل المجالات وعم الخير كل أرجائها، بل وصل خيرها الى غيرها من الدول الإسلامية والعربية، لأن هذا الأمر كان من أهداف مؤسسها عبدالعزيز وهو نشر الخير في كل أنحاء العالم، ومن تجول في أرجاء العالم وجد خير المملكة ظاهرا بينا من مساعدات إنسانية وبناء للمساجد ودور العلم والمدارس والمعاهد وطباعة الكتب العلمية والمصاحف وحفر للآبار وبناء المستشفيات والمساكن والمدن والقرى للفقراء والمحتاجين، ومن الخير الذي تنشره المملكة سماحة الإسلام والدعوة الى الله والمجادلة بالتي هي احسن والحوار بين الأديان والحضارات وبيان الوجه الحقيقي للإسلام من محبة وسلام للناس كما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم.
بل إن من ينظر في خدمة المملكة العربية السعودية لحجاج بيت الله الحرام وتوسعة الحرمين التي كلفت المليارات يقول هذه تكفي وسام شرف للمملكة وكل ذلك من اجل تسهيل العبادة والشعائر لعباد الله وإيجاد سبل الراحة لهم، كل ذلك من اهداف المملكة العربية السعودية ومؤسسها الملك الراحل عبدالعزيز الذي عاش ومات وهو يصدر الخير والمحبة للمسلمين والعلم جميعا، ولكننا لو نظرنا الى الجانب الآخر من دولة تدعي انها جمهورية إسلامية ورأينا أهدافها لتبين لكل عاقل البون الشاسع بين هذه الأهداف وتلك الأهداف ففرق بين ما ذكرناه من خدمة المملكة للمسلمين في شتى أنواع المجالات ومن يصدر الثورة ويؤسس الميليشيات والجماعات المسلحة ويمدهم بالأسلحة ويدربهم على قتال اخوانهم في الدول العربية والإسلامية، نعم فرق بين من يصدر المحبة والسماحة ومن يصدر البغضاء والانتقام والكره والطائفية، فرق بين من يحمل الحقد والتسلط والتوسعية ويتجسس على جيرانه ومن يمدهم بكل وسائل الدعم والمال للارتقاء بأوطانهم، فرق بين من ينشر ثقافة العنصرية والعرقية ويدعم الطواغيت والظالمين ومن يدعم الشعوب المسلمة لرفع الظلم عنها، فرق بين من يخدم أهداف اليهود ويتآمر معهم على المسلمين ومن يدعم قضية القدس بالمال والسياسة والديبلوماسية.. شتان بين من يجمع كلمة المسلمين ومن يسعى الى تفريقها، شتان بين أهداف المملكة العربية السعودية وأهداف الثورة الإسلامية المزعومة.. شتان بين مشرق ومغرب.. والله المستعان.