على الهاتف النقال ـ لعنة الله عليه ـ جاءني خبر غياب جارتي وابنة عمي واختي البديلة بدور أحمد العيسى.
نعم.. علمتني «العائلة» ان كل ابنة عم هي مشروع اخت في غياب الاخت، وهكذا كانت لي «المرحومة» عندما قررت مجاورتي في الروضة ـ بعد استقلالها عن العديلية ـ اقصد الروضة.
فشهدت معي فقدان اخواتي الثلاث (رحمهن الله) الواحدة بعد الاخرى، فأخذت مكان البديلة مما اعطاها الحق في تحويل عتابها الى «الزفات» احيانا التي تنتهي بالضحك دوما من الطرفين.
ليرحمها الله كانت تعشق المناقشة والجدل لكنها تشترط فوزها في نهاية المطاف، فتتوج الجلسة بالضحكات من الطرفين، لكن جيرة السنوات الطويلة عرفتني على رفضها الجاد للخضوع لرأي سوى رأيها.
عودت نفسي ـ احيانا ـ على تغذية هذا الشعور في نفسها، فتفطن لمحاولتي وتضحك قائلة: ادري ادري فيك ما تصدقين غير نفسك، فأقول: وانتي؟ فتضحك!
عرفت منها ومن تجربة حياتها ان الوحدة قاتلة وهي ليست بالضرورة الوجود في فضاء خال من البشر، بل خال من الروح لأن صفحة في جريدة تقول شيئا جميلا ومثمرا قد يعوض الانسان عن مجلس كامل من البشر.
ما قابلت في حياتي امرأة لها هذه العلاقات الممتدة طولا وعرضا وعمقا، ومع هذا تشعر احيانا بالوحدة.
افتقدك يالغالية.
افتقد الدحرة مع حسام والدجاج والبيض.
افتقد نظرتي لوجبتك التي لا تغذي ربع انسان.
خطفتك المنون من الروضة.
فإلى جنة الخلد لعلنا نلتقي هناك.
فنكمل مشروع الهذرة الذي انقطع.
هي قطرة من دمعة حرّى.
أسكبها.
على هذه الورقة.
لعلها تصلك.