بسم الله الرحمن الرحيم
باسم القادر - جلّت قدرته - انسحب الفتيل من السراج ثم انحنى.. ثم ذبل.. حتى ودّع الدنيا بما فيها ومَنْ فيها.
هي موضي سلطان بن عيسى.. اختارها الله سبحانه ضيفة جديدة الى جواره تاركة خلفها ساحة من النور تستدعي كل ذي قلب حي وضمير رحوم أن يمسك بأطراف الثوب المنسوج من ابتسامات ودموع المعاقين ويأخذ من اسمها (المضيء) قبسا ينير لهم السبيل الى ما تبقى من طريق لاستعادة الابتسامة الى وجوههم، إن كرم الخالق لا حدود له.
تبكيك الكويت يا ابنة العم
هي موضي السلطان.. ما أكرمها الله بذرية من صلبها، لكنه أهداها عشقا لا تحدّه بحار ولا أنهار ولا صحارى من قلوب صافية صادقة وديمومة الانشراح والابتسام، ما كان يشعرها بالبهجة الدائمة وبأنها تملك العالم بأجمل ما فيه بين يديها.
منذ صغرها - رحمها الله - كانت تملك عقلية تجارية عجيبة أهدتها لعالم المعاقين، ولعل ابتداعها للأسواق الخيرية لصالحهم دليل على ذلك، حيث كانت تشتري البضائع من حسابها الخاص وتبيعها لصالحهم ومما ساعدها في ذلك ذوقها الرفيع وثقة أهل الكويت بها وبسمو أخلاقها وأمانتها.
أذكر - شخصيا له جلسة مع والدتي - يرحمهما الله - تشكو لها من المستقبل قائلة: الناس اليوم يعرفون موضي السلطان ولكن في المستقبل وبعد أن يستعيد الرحمن أمانته - مَنْ لهم؟.. وفي لحظات تفتق ذهنها عن مشروع لصالحهم يدِّر عليها ما يمكن أن يعينهم.. وقالت: (سوف أبني بناية - حتى لو في الجهرة - إشارة الى بعد الموقع آنذاك - في ذاك الزمن - تدر ريعها (لأولادي) كما كانت تسميهم، وما هي إلا أسابيع حتى باشرت بالبناء - يرحمها الله - ولحقت بها الثانية والثالثة... إلخ.
(اليوم عندما ندرك أن هذا التفكير كان لامرأة شابة في الستينيات من القرن الماضي لا بد أن يتصاعد حركة الانبهار).
أما آخر المشاهد التي جمعتني بها زيارة في بيتها وكانت شبه غافية على سريرها.. وعندما فتحت عينيها أشارت لي بيدها أن أدنو قربها ومدّت يدها لتتلمس قماش ملابسي وتحسست القماش بدقة وقالت: سأعطيك «فلوس» قلت لها ما أحتاج.. الحمد لله.. ماني محتاجة.
ردت علي: فلوس علشان تشترين لي نفس الخام وتسوين لي دراعة مثلها.
ضحكت وقلت لها: خلاص أنا أسوي لك دراعة هدية.. مابي فلوس.
قالت: لأ لأ.. وغفت.
أقول هذا الكلام إشارة الى صفة من صفاتها العجيبة وهي الذوق الرفيع ما اكتفت بالمنظر، بل لمست القماش.
كانت لها دقة عجيبة، وصراحة أعجب، يعرفها كل من يحيط بها من أهل أو أصدقاء ويقبلها الراضي وغير الراضي مع كم كبير من الاحترام.
(مكانك خالٍ يا أم الضعفاء والمحتاجين).
مسكنك الجنة بإذن الله