أنا لص متخف في هيئة شاعر، وهارب من العدالة منذ اكثر من عشر سنوات.
أسرق الفناجين من المقاهي والكافيهات.. وأسرق روح من يجالسني في رشفة قهوة، واحتفظ بهم في خزانة غرفتي..!
حين تشرب القهوة، يخرج جزء من روحك مع كل نفس وكل كلمة وكل رشفة.
أعيش على بقايا الأرواح، بقايا أنفاس من أحب في فناجينهم.
استيقظ باكرا طمعا بفناجين قهوة على أنغام فيروز، فأسرق ما استطعت منها وأعود الى منزلي..
أجالس نفسي وأتقمص دور الشاعر، ثم اختلق واقعا افتراضيا وأعشق عشرين امرأة مرة واحدة وأقبّل خمسين أخريات.. دون رؤية أي منهن.
أكتب عن ألف قلب وألف ألف مأساة وأنحت الكلمة من رذاذ البن...
أتحدث مع أمي كل صباح وأفتح شباك غرفتي المطلة على حديقة منزلي الريفي..
أقطف التوت من شجرة في الحديقة دون أن أتحرك من مكاني...
أقود سيارتي في شوارع المدينة القديمة، واشرب النرجيلة فوق جبل السيدة، وأسبح في شاطئ وادي الذهب.. دون أن أراه حتى «لا يعلم سري إلا الله وفناجين القهوة..»
هذا ليس سحرا ولا ضربا من الجنون.. هذا ما يقال له التلاشي في الواقع..
بشعرها الخرنوبي الجميل وخط كحلتها المشابه لغروب الشمس، بعينيها الجميلتين وابتسامتها الساحرة، جلست أمامي في كافيه مجاور للبحر.
نظرت إليها نظرة ملؤها العشق وقلت: احبك.
ابتسمت ولم تجب..
أكملت فنجان قهوتها وأرادت الرحيل، طلبت منها للمرة الأولى في حياتي طلبا سأندم عليه ما حييت، هل تسمحين لي بسرقة فنجان قهوتك..؟
ضحكت كضحكة السماء في شهر شباط ثم قالت: من انت..؟
قلت: أنا سارق الفناجين...!!