في الحديقة العامة أحلام تتكسر على مقاعد الخشب، وبعض من الأفكار تتدحرج أمامك على العشب.
تمسح ورقة شجر يابسة ووردة كان قد أهداها شاب عشريني لحبيبة تركتها على المقعد وأسرعت لتلحق الموعد التالي في ما فيه خمسة نجوم.. يا له من أبله، من يحب في الحدائق هذه الأيام؟
تختنق الحديقة باليائسين، وتتزاحم بالعاطلين عن الحب وبعض الصفاة التي تميزهم كـ بشر..
أمارس وحدي طقوس القهوة الصباحية، وأراقب ما أريد ومن أريد، وأدرك حينها معنى الانعتاق والفرق بين مرارة القهوة ومرارة الحياة.
بائع غزل البنات يبيع الأطفال قرب نافورة المياه، لكن الطفل الجالس على المقعد يشرب قهوة من يشتري له غزل البنات..؟
كنت جاهلا بتقاليد البن وقوانين السواد، كنت أعتقد أن الرائحة لا تعني شيئا، حتى أدركت مذاقك ورائحتك في القهوة.
تراكمت الأسئلة في ذهني، وبدأت اسأل نفسي.
من يهب الحياة لورق الخريف..؟
من يعطي الضوء لقطرة الماء..؟
من يسكن الأعشاب ومن يجوب الورود باحثا عن نفسه..؟
هل بإمكان الشفاه أن تلملم ما بقي من الروح وتكتب ما بقي من عمر لتقرأه امرأة تجيد قراءة القلوب..؟
إلى أي حد يمكن أن تصدق البصارة عند باب الحديقة حين قالت إنني أنتظر قدري في الحديقة.
في غمرة من الهذيان والإجابات تقرع باب المنطق، أمسكت كأس قهوتي الباردة كبرود الطقس بما تبقى من قدرة على الإمساك.
ثم قامرت بكل شيء وفي لحظة غريبة التفاصيل رحت استرق السمع لحديث عاشق آخر أدركه اليأس وأهدى حبيبته وردة لتنساها على المقعد وتذهب لتلحق بموعدها التالي في كافيه خمسة نجوم.